هل تلغي السعودية برنامج المناصحة؟

TT

بكل تأكيد الإجابة هي بالنفي، فالتحاق عدد محدود ممن تمت مناصحتهم في برنامج المناصحة السعودية بتنظيم «القاعدة» مرة أخرى لا يعني فشل البرنامج، أو ضرورة إيقافه، بل لابد من تقييمه دائما، وتقييم القائمين عليه بشكل دوري، والاستمرار فيه.

فما شاهدناه من إعلان عن انضمام اثنين ممن شملهم برنامج المناصحة السعودية، للتنظيم الإرهابي الجديد الذي أعلن عنه في اليمن، ما هو إلا حرب دعائية الهدف منها ضرب برنامج المناصحة، وإظهاره على أنه فاشل. وهذا هو هدف تنظيم «القاعدة»، وقياداتها، لأن إعادة تأهيل من تأثروا بفكر «القاعدة»، أو من كانوا من أفرادها الفاعلين، تعد ضربة قاضية للتنظيم ومن يريدون إعادة الزخم الإعلامي له، أو من يسعون لاستقطاب أفراد جدد له.

أكبر خطر على تنظيم «القاعدة» ليس مواجهته بالسلاح بل في المواجهة الفكرية التي تعري التنظيم وقياداته، وكذلك المعالجة الاجتماعية التي لا توصد الباب أمام من لم يرتكب أعمال عنف إجرامية.

ولو نظرنا إلى عدد من عادوا إلى أفكار التنظيم مقابل من اندمجوا في الحياة العامة وباشروا حياتهم بشكل طبيعي، فذلك مؤشر على جدوى برنامج المناصحة السعودية، ودليل على وجوب استمراره. فاذا كان انضمام شخص أو اثنين، ممن تمت مناصحتهم، إلى «القاعدة» مجددا يثير القلق، فإن هناك قصصا للأسف لم ترو ولم يطلع عليها الرأي العام تثبت أن برنامج المناصحة، وأسلوب التعامل المتبع مع المطلوبين، قد نجحا.

أحد المنتمين لتنظيم «القاعدة»، وهو من الأسماء المعروفة، كان والده يحتضر فقام مسؤول سعودي في الداخلية بإبلاغه صباحا بحالة والده وقال له إن في استطاعته الذهاب لرؤيته، شريطة العودة في وقت محدد.

بادر المطلوبُ المسؤولَ بالقول: حسنا سأطلب من أحد أفراد عائلتي الحضور لكفالتي، فقال له المسؤول: «لا، قم أنت بكفالة نفسك»، حيث انه لا يريد تحميل أحد مسؤوليته. وبالفعل ذهب المطلوب لرؤية والده.

لكن المفاجأة كانت في عودة المطلوب بنفسه بعد ساعات قليلة، وقبل الموعد المحدد بكثير، للسجن! هل هذه صورة وردية؟ بالطبع لا، ولكن المقصود هنا أن هناك قصصا كثيرة لو تم نشرها فستبين أهمية المناصحة ونجاحها. الأهم أن يتحدث الذين استفادوا من البرنامج نفسه، فتجربتهم هي خير رد عملي.

ولذا فمن المهم أن نستوعب أن ما تفعله «القاعدة» هو محاولة لإظهار فشل برنامج المناصحة، ومخطط لتوجيه ضربة لكل جهد يحارب «القاعدة» بالفكر، وهي معركة يجب أن لا تتوقف على الاطلاق.

الأمر الأهم اليوم هو بذل الجهد الكافي لمحاصرة مواقع اعادة تشكيل وانتشار «القاعدة»، ويبدو، وكما حذرنا من قبل، أن «القاعدة» خطر حقيقي في اليمن، خطر على الداخل اليمني، وعلى السعودية، ولا بد من تضافر الجهود بين الدولتين، خصوصا مع الحديث عن إعادة بعض سجناء غوانتانامو إلى دولهم، فلا بد من اعادة اندماج من لم يرتكب جرائم منهم قبل أن يتلقفهم تنظيم «القاعدة» ويستثمر يأسهم، واستكمال محاكمة من ارتكبوا جرائم.

[email protected]