ووجدت عصا موسى أسهل كثيرا!

TT

أحيانا أشعر بأن قلمي هذا مثل عصا موسى.. أهش به على غنمي من الكلمات.. أسوقها إلى المعاني.. أو أسوق إليها المعاني.. أحيانا تمشي ورائي وأنفخ في عصاي كأنها أرغون.. وأغني ولا ألتفت إلى الأغنام ورائي وحولي وأمامي..

وأحيانا أرى عصاي تلتهم الكلمات وتلتهم الأفكار.. ولا أعرف ما جدوى أن تكون لي عصا.. وأحيانا أرى عصاي مثل عصا المايسترو أقود بها ما لدي من أفكار، وأهش بها على ما لدي من كلمات.. وأقوم بالتنسيق بينها جميعا.. ويسعدني ذلك.

وأحيانا أرى عصاي مثل عصا توفيق الحكيم.. سألته: ولماذا العصا يا أستاذ؟ فقال: حتى الآن لا فائدة منها.. ولكن عندي أمل أن يجيء وقت أنهال بها على دماغي ندما على أنني أضعت عمري في الكلام الفارغ.. فلا أضفت جديدا، ولا أصلحت وضعا، ولا كان لي حواريون..

فقلت: بل أضفت يا أستاذ.. وأقنعت وأسعدت، وفتحت رؤوسا مغلقة، وأضأت طرقا مظلمة في القصة والرواية والمسرحية، وكانت لك نظرية فلسفية.. وإذا لم يكن لها أثر هذه الأيام، فسوف يكون لها غدا أو بعد غد..

فضحك توفيق الحكيم وقال: الآن عرفت لهذه العصا فائدة مؤكدة.. وهى أن أنزل بها على رأسك، فأنت شديد التفاؤل، بينما أنت في طبيعتك شديد التشاؤم.. ها.. ها..

ولما سئل الأستاذ العقاد، وقد لاحظنا أنه أصبح ثقيل الخطو: ولماذا لا تستخدم عصا يا أستاذ؟ فأجاب: إنني أحتاج إلى كثير من هذه العصا، واحدة أسند بها رأسي، وواحدة أسند قلبي.. وواحدة لكي أقوّم هذا المجتمع الأعوج.. وعصا أضرب بها حكامنا الكذابين، ومؤرخينا الأكذب.. فإن كان عندك هذا النوع من العصا فهات منها مائة أو ألفا.. هاها..

ورضيت بأن أ ستعير عصا موسى فهي أسهل!