حماس السنية!

TT

ذهب خالد مشعل في كلامه بإيران إلى حد يدفع إلى التساؤل ما إذا كان زعيم حماس يمتلك الوعي السياسي الكافي. فتصرفات مشعل أربكت بعض قيادات الحركة، واستفزت من تعاطفوا صدقا مع معاناة غزة.

تصرفات مشعل دفعت رموزا في حماس للرد عليه علنا، مما يعزز القناعة بأن هناك تباينا شديدا بين حماس دمشق وحماس غزة، وأن طهران لم تقدم لحماس، وأهل غزة، إلا الكلام الذي لا فائدة منه.

غازي حمد، أحد قياديي حماس، تصدى مرتين في يومين لتصريحات زعيم حماس؛ الأولى عندما أعلن حمد صراحة رفضه دعوة مشعل لإيجاد مرجعية فلسطينية بديلة للسلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا. فقد قال حمد إن «الساحة الفلسطينية ليست بحاجة إلى مزيد من الانقسام»، معلنا بأنه لا يقبل أن «يكون هناك تعميق للانقسام الفلسطيني»، مضيفا أنه «يجب أن نعود إلى لغة الوحدة».

هذا ليس كل شيء بالطبع، بل إن حمد عاد ليرد على مشعل بعد تقارير عن أن هذا الأخير قدم تقريرا «لولي أمر المسلمين» السيد علي خامنئي عن الحرب بغزة، حيث قال حمد «كمسلمين سنة لا نعترف بخامنئي وليا لأمر المسلمين».

الدكتور أحمد يوسف، المستشار بوزارة الخارجية في الحكومة الفلسطينية المقالة، بدوره تحدث عن أن «تيارا عروبيا كبيرا داخل حماس مَعْنِي بتوثيق العلاقات مع مصر والسعودية».

وأضاف الدكتور يوسف «نحن في حماس نؤكد أن عمقنا السني هو الأساس ولا نريد أن نكون أداة في أيدي أحد». والسؤال هنا ما الذي يدفع البعض من قيادات حماس للتأكيد علنا على أن عمقهم عروبي، وسني؟

من الواضح أن خالد مشعل قد أحرج حماس، وأن هناك في الحركة من يرى أن إيران هي العمق الحقيقي لحماس، كما يتضح أن البعض بحماس غزة أكثر استشعارا لخطورة ما تفعله حماس دمشق؟

بالتأكيد أن مشعل قد ذهب بعيدا في إيران، وتصرف برعونة سياسية وهو يرتمي بأحضان طهران التي لم تقدم للفلسطينيين إلا مسببات الفرقة، ويدير ظهره للفلسطينيين والعرب الذين قدموا تاريخا طويلا من الحروب والدماء من أجل القضية الفلسطينية.

وغير صحيح أن حماس لم تجد يدا ممدودة من العرب، كما يقال الآن، فماذا نقول عن اتفاق مكة، وحديث مشعل أمام كاميرات التلفزة عن ذلك الاتفاق الذي انقلبت عليه حماس في غزة بعد مدة قصيرة؟ وماذا نقول عن جهود مصر للحوار الفلسطيني؟ وهذه أمثلة فقط!

إذا أرادت حماس خوض معركة فعليها تقدير العواقب، وإطلاع من تنتظر منهم الوقوف معها، وإذا أرادت أن ترتضي بالانتخابات، فكيف تتجاهل أن تلك الانتخابات كانت نتيجة أوسلو التي لا تعترف بها الحركة؟

من الخطأ قتل حماس، كما أنه من الخطأ إضعاف التيار المعتدل فيها إذا وجد، ومن الخطيئة ترك المسرح لحماس وحدها لتعلق نوط القضية الفلسطينية على صدر تجار لم يقدموا للقضية أي شيء إلا الشعارات، ويعيدون القضية لمربع الصفر.

[email protected]