إعمار غزة جهد لا استعراض

TT

يبدو أننا أمام تسييس جديد بهدف الاستعراض من أجل عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة على غرار التنافس المحموم الذي شهدناه لعقد قمم عربية إبان العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو ما قاد إلى شق الصف العربي أكثر مما أنه نفع أهل غزة.

اليوم نحن أمام معركة استعراض أخرى بذريعة جمع التبرعات لإعادة إعمار قطاع غزة، وهو ما سيزيد تعميق معاناة أهل القطاع المنكوبين الحقيقيين، لا حركة حماس التي تفاخر بأنها لم تتضرر من حرب غزة، بينما تستولي على المساعدات الدولية المخصصة للمدنيين.

المصريون أعلنوا من قبل عن مؤتمر القاهرة الدولي لدعم الاقتصاد الفلسطيني لإعادة إعمار غزة، وهو الأمر الذي أكد عليه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في خطابه أمام قمة الكويت الاقتصادية الشهر الماضي بصفته رئيس القمة.

واليوم نرى الإيرانيين يدخلون على الخط وعلى لسان وزير خارجيتهم منوشهر متكي بأنهم يسعون مع دول عربية وإسلامية من أجل عقد مؤتمر للمانحين بهدف إعادة إعمار قطاع غزة أيضا.

ولم نسمع حتى اليوم أن طهران قد قدمت ريالا واحدا لغزة، بل ما نسمعه هو صراخ المحسوبين عليها في لبنان يطالبون بجزء من تبرعات السعوديين رغم مرور عامين وأكثر على حرب صيف لبنان، وحديث نصر الله عن الأموال الطاهرة!

وهذا ليس كل شيء، فقبل يومين أعلنت تركيا من خلال وكالة الأناضول الرسمية للأنباء، أن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم أبدى رغبته في عقد مؤتمر دولي من أجل إعادة إعمار قطاع غزة وطلب مساندة تركيا لتلك المبادرة.

فهل إعادة إعمار قطاع غزة ومساعدة المنكوبين تتطلب كل تلك المعارك، والجهود السياسية والرحلات المكوكية ليلتئم شمل المتبرعين بقاعة واحدة؟ من يريد التبرع بوسعه فعل ذلك من دون مؤتمرات وضجيج.

تبرع الملك السعودي بمليار دولار في خطاب ألقاه بالكويت، من دون أن يدعو إلى مؤتمر، ولم يعلن ذلك في قمة الخليج الطارئة بالرياض قبل قمة الكويت بأيام، بل تبرع بدون ضجيج إعلامي.

كم هو مؤسف أن ننحدر هكذا سياسيا، وعلى عينك يا تاجر، كما يقال، من دون مراعاة معاناة أهل غزة، فحتى حماس التي قالت إنها صرفت معونات للمتضررين اتضح أنها قد سطت بالسلاح على مساعدات مخصصة لسكان غزة من مخازن وكالة غوث اللاجئين (أونروا)!

نحن هنا أمام أمرين، فإما أن تكون المساعي الجديدة من قبل إيران ومحورها لعقد مؤتمر للمانحين، على الرغم من أنه قد تم الإعلان عن المؤتمر المصري، هي لهدف دعائي بحت، أو أن السبب الحقيقي هو الحرص على دعم حماس أكثر من كونه مساعدة لأهل غزة.

وكلا الأمرين يثيران النقمة لأن الضحية الحقيقية هم أهالي غزة الذين يجلسون على أنقاض بيوتهم المدمرة جراء الآلة العسكرية الوحشية، والعبث السياسي لحركة حماس.

[email protected]