الأكراد.. حب أميركا لا يكفي

TT

حذر رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني من حرب عربية – كردية في حال رحيل الأميركيين من العراق من دون حسم ملف المناطق المتنازع عليها، خصوصاً أن رئيس الوزراء العراقي الذي عزز مكانته السياسية داخلياً يرى أن دستور 2005 يعطي الإقليم أكثر مما ينبغي، مطالباً بتعديله.

السيد نيجيرفان يقول «نحب أميركا لكنهم لا يكترثون...». واشنطن ردت بأن ليس من مسؤوليتها تطمين أي طرف، وأن على العراقيين حل مشاكلهم، وفق نظامهم الديمقراطي. فهل يكفي حب أميركا لحل مشاكل الأكراد بالعراق؟

بالطبع لا، فليس في السياسة حب وكراهية، بل مصالح. ومشكلة البعض من الأكراد أن لديهم حساسية مفرطة تجاه كل من يقول لهم تجنبوا الاصطدام. فجميع المؤشرات تقول إن الصراع المؤجل بين المالكي والأكراد، قابل للانفجار في أي لحظة. وهذا أمر قلناه مراراً، وكان يقابَل بالغضب، خصوصاً عندما يقال إن واجب الأكراد هو الحفاظ على ما تحقق من مكاسب، والتنبه لحقائق إقليمية، أهمها أن المالكي قد رتب صفوفه، ومضى بعيداً في إضعاف خصومه، وتشكيل تحالفات على الأرض. وهذا ليس دفاعاً عن المالكي الذي سيظل كثير من الأسئلة والشكوك تدور حوله طالما لم يشرع في المصالحة الحقيقية بين العراقيين من دون تمييز طائفي أو غيره، وإنما ما نقوله هو توصيف للواقع.

رئيس العراق ووزير خارجيته اليوم كلاهما كردي، وهناك مكاسب كردية حقيقية ومعروفة على الأرض منذ سقوط نظام صدام حسين، والدليل أن الأكراد يطالبون بحمايتها، والتوسع بها. إلا أن بعض الأكراد دائماً يردد: ما هي تلك المكاسب؟ وهنا يمكن التذكير بالأسوأ. فللتو استطاع الأكراد الوصول لاتفاق مبدئي مع طهران لوقف القصف الإيراني للقرى الحدودية بكردستان العراق. ولا أعتقد أن الأكراد يتناسون الجارة القوية تركيا، خصوصاً أن جزءًا من المصالح التي تجمع أنقرة وطهران هو موقفهما ضد الأكراد. فإذا كانت كل تلك المخاطر لا تستدعي القلق، فما الذي سيقرع الجرس لأكراد العراق؟

فإذا كان الأكراد يعولون كثيراً على واشنطن فهم يقعون في الخطأ نفسه الذي يقع فيه كثير من العرب حين يعتقدون أن أوباما جاء ليقول لهم شبيك لبيك، متناسين أن المصالح لا غيرها هي التي ستحرك أوباما الذي يبحث عن مصالح بلاده.

فهل من مصلحة واشنطن الوقوف مع الأكراد اليوم ضد شريحة عريضة من العراقيين؟. والسؤال الآخر هنا: ما هي خارطة تحالفات الأكراد داخل العراق نفسه، فالنظام الديمقراطي مع تطوره، مثله مثل النظام القبلي يقوم على التحالفات، أي المصالح.

ولذا فعلى الأكراد تقنين صراعاتهم الداخلية، خصوصاً أن أخطر ما في الوضع يلخصه تعبير السيد نيجيرفان بارزاني عندما حذر من حرب «عربية – كردية». وهذه لغة استفزازية ستفقد الأكراد تعاطفاً كبيراً داخلياً وخارجياً.

الحب في السياسة مثله مثل الصراع مع الجميع، لا يأتي بفائدة، والاعتماد على أميركا لم ينفع دولا كثيرة لم تفهم لعبة المصالح. فما هي مصلحة واشنطن مع الأكراد اليوم، وما هي مصلحة واشنطن مع العراق بصورة أكبر؟

[email protected]