من يأتمنني على أسراره؟!

TT

صدق من قال: إن الفراق هو الموت البطيء..

فما أعمق حزني اليوم، إنه لا يقل عن حزن زوجين هنديين لم يتمكنا من التغلب على حزنهما الشديد بعد وفاة كلبتهما التي رافقتهما في الحياة ثلاثة عشر عاما، وبعد أن أقاما لها مراسم دفن لائقة، ثم أقاما لأصدقائها وليمة حافلة، بعد ذلك كله دخلا إلى غرفة نومهما وانتحرا شنقا، تاركين رسالة تخبر الجميع أنهما لا يطيقان العيش بعد فراق كلبتهما الغالية.

فما أعمق حزني اليوم، ويا ليت من فارقتني كانت كلبة.

* * *

هل «تكتكة» الساعة، أشبه ما تكون بصوت فأرة تقضم الزمن؟! أعتقد ذلك، وإنني ما زلت أسمعها، ولا ادري متى سوف تتوقف عن القضم!

* * *

كان تشرشل يقول: إن خطبت في الناس وأنت في حالة غضب، أسرت ببلاغتك الجماهير، ولكنك ستندم على ما فعلت حتى الممات.

وما أكثر الخطب الغاضبة التي ألقاها بعض زعماء العرب، وكانوا أشبه ما يكونون بـ «غائبين عن الوعي»، وأدت نتائجها إلى ما يشبه المهالك التي طوحت بشعوبهم وبلادهم.

ومع ذلك ماتوا كما تموت العير، ولم يكلفوا أنفسهم حتى ولا بشيء قليل من الندم، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على قمة «البلاء»، ولا أقول الغباء.

* * *

بقدر ما أنا معجب بقول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) الذي أكد على أن: سّرك هو أسيرك، فإن تكلمت به صرت أسيره.

أقول إنني بقدر ما أعجبت بهذا الكلام فقد عجزت «البتّة» عن تطبيقه، لهذا أصبحت على الدوام أسير أسراري، فلا يحكي لي أحد عن أسراره، حتى تتحول من قلبي إلى «فضائح» حالما يخرج هو من عندي ويولي أدباره.

فلا يأتمنّي أحد على أسراره، لأن لساني مصاب بداء الحكّة.

* * *

وأختم هذه الكلمات «الحمقى» بثلاثة أبيات من شعر عبد الحكيم العوفي:

تلاحقني لميسٌ في منامي / ونقضي الليلَ غرقى في الغرامِ

وأسرق قبلةً منها وامضي / فنضحكٌ وهْيَ قائلةٌ: حرامي

فشعّ النور ثم سمعت أمي / تقول تقول: هيّا للدوام!!

[email protected]