التحذير من استخدام الكحول بين الرأي والفتوى

TT

التحذير الذي أطلقه عالم الدين السعودي، وعضو المجمع الفقهي، والأستاذ في المعهد العالي للقضاء، الدكتور محمد النجيمي للطلاب السعوديين المبتعثين في الخارج من استخدام الكحول في سياراتهم بديلا للبنزين، واستشهاده بحديث أنس بن مالك، الذي أخرجه أبو داود وابن ماجة: «لعن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في الخمر عشرة، عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له». وبرغم توضيح النجيمي بأن ما ذكره رأي شخصي، ولا يعتبر فتوى، إلا أن بعض مداخلات القراء في موقع «العربية نت»، التي أعادت نشر الموضوع تعاملت مع رأيه كفتوى، واتخذ جلها موقفا مخالفا، ومعارضا بشدة لما طرحه النجيمي، واعتبروا أن الأمر يتعلق بالمقاصد، وأن ثمة فرقا بين الكحول المسكر، والكحول المستخدم كوقود بديل، وغيره من الأنواع التي تدخل في مستحضرات الأصباغ والمطهرات وغيرها. وأخال الدكتور النجيمي لو اطلع على مداخلات القراء تلك لأدرك صعوبة تفريق البعض بين الرأي والفتوى في كل ما يصدر من العلماء، وأن من المناسب تقييم مثل هذه الآراء داخل المجمعات الفقهية لأن إطلاقها بهذه الرأي الأحادي ـ رغم مكانة قائلها العلمية ـ سمح بأن يخوض فيها الكثير من الخائضين على النحو الذي لا يرضي بكل تأكيد قائلها، ولا الذين يحفظون له مكانته العلمية، ومواقعه الوظيفية في التدريس، والمجمع الفقهي، وغيرهما.

وأنا لا أتعرض هنا لمضمون رأي الدكتور النجيمي بالتوافق أو الاختلاف، لكنني كمتابع لحركة التربص بآراء العلماء وفتاواهم، ومحاولة استغلالها، وتشويهها، وتحريفها، وإخراجها ـ أحيانا ـ من سياقاتها، غدوت أتمنى في ظل هذه المناخات التي تخلط بين الرأي والفتوى إذا ما صدرت من عالم دين أن يكسب العلماء الأجلاء آراءهم شيئا من المرجعية الجماعية، خاصة حينما تسعى تلك الآراء إلى تحذير شريحة يصل أعدادها إلى الآلاف من الطلبة المبتعثين، بل وتلامس اهتمام ملايين المسلمين الذين حالهم حال الطلاب في مواجهة الموقف الشرعي من الكحول كطاقة بديلة.

أتمنى أن لا يجد حاطبو الليل من المتربصين في رأي الدكتور محمد النجيمي ما يضيفونه إلى سلالهم، فالرجل عالم وفقيه، ومن حق أقرانه من العلماء أن يحددوا لنا مواقفهم من ذلك الرأي.

[email protected]