سيد العشاق العرب!

TT

ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن شيخ العشاق العرب، الشاعر الراحل أحمد رامي، ففي كل مرة أعيد قراءة رامي اكتشف المزيد من الشواهد على أن رامي هو سيد العاشقين العرب صبرا، وتدليلا، وتعظيما للمحبوب، إلى الدرجة التي يدمن فيها التلذذ بعذاباته، ودموعه، وأشواقه، وخضوعه، وذله أمام المعشوق:

عزة جمالك فين

من غير ذليل يهواك

ورامي يستقبل عذابات الحب بالرضا، فلا يتبرم، ولا يتمرد، ولا يثور:

أيام ما كنا إحنا الاتنين

إنت ظالمني وأنا راضي

وهو ـ أي رامي ـ يحب على هواه، ولا يأخذ بنصيحة من ينهاه:

خلوني أحبه على هوايا

وأشوف في حبه سعدي وشقايا

وفي نموذج حب رامي يطغى أحيانا طيف الحبيب على الحبيب نفسه حاله حال المنفلوطي، الذي يرى أنه يحب الجمال خيالا أكثر مما يحبه حقيقة، ويقول: «مثلي مثل ذلك الرجل الذي أحب امرأة فاستزارها فمانعته حينا، ثم زارته، فلما رآها ذهب لينام، فعجبت لشأنه، وسألته: ما بك؟! فقال: أريد أن أنام لعلي أرى طيفك في المنام»، ويعبر رامي شعرا عن تلك النزعة:

لو كنت دايم أشوفك

لو كنت أملك فؤادي

ما كانش يسعدني طيفك

لما يزورني في بعادك

وتبلغ غرابة رامي أقصى مداها حينما يحب عواذله الذين يشاركونه حب من يهوى:

طول عمري أحب اللي يحبك

ويعني ليه يغيروا قلبك

فهو لا يشغله حينما يلتقي بهم سوى استحضار سيرة الحبيب معهم، ومعرفة مدى إخلاصهم في حبه مقارنة بما يفعله:

ولما أشوف حد يحبك

يحلا لي أجيب سيرتك وياه

وأعرف جرى له إيه في حبك

وقد إيه صانه ورعاه

المرة الوحيدة التي خرج فيها رامي عن نسقه في العشق حينما قال:

أصون كرامتي من قبل حبي

فإن النفس عندي فوق قلبي

ويقول العارفون إن هذا البيت لا يعبر عن رامي، حيث صاغه ليتماشى مع أحداث فيلم سينمائي.

رحم الله رامي، فمن يجرؤ على تدليل المحبوب، والصبر على بغددة المعشوق كما فعل رامي؟!

[email protected]