تهديدات إيران لمصر

TT

في نفس سياق استعراض القوة الإيراني، جاء الدور هذه المرة على مصر، حيث هدد نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين شيخ الإسلام، المصريين إن سمحوا لجماعة مجاهدي خلق المعارضة بدخول مصر. وكانت إيران قد وصفت البحرين بأنها محافظة تابعة لها، وساندت انشقاقات في أربع دول عربية.

ومن حق إيران أن تغضب من مصر لو أن علاقتها بالقاهرة جيدة، لكن الواقع السياسي بين البلدين في أسوأ مراحله. فالإيرانيون يعلنون عن جوائز مالية لاغتيال الرئيس حسني مبارك، ويحتفلون بمقتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وشنوا حملة على مصر في حرب غزة الأخيرة. والآن يهددونها إن سمحت باستضافة «مجاهدي خلق» الذين كانوا في العراق، وفي مخيمات قريبة من حدودهم، طوال السنوات الماضية ولم تتجرأ طهران على فعل شيء ضدهم.

ورغم هذا الكم الكبير من الاستفزازات المعادية من الجانب الإيراني، يرى نائب وزير الخارجية الإيراني أن مصر هي التي ارتكبت الكثير من الأخطاء تجاه إيران، ولن تسمح بأن يمر هذا التحدي. عملياً لم تفعل مصر شيئاً ضد إيران منذ ثلاثين سنة تقريباً عندما سمحت بدفن جثمان الشاه، بل إيران هي المحرك الفعلي في نشاطات داخلية وخارجية معادية للقاهرة وضد مجموعة المحور المصري، من دول الخليج والأردن. وأصبحت هذه الدول عملياً مثل كيس الملاكمة تتمرن فيه إيران باللكم والرفس دون رد.

ومع أنني لم أسمع حديثاً جاداً من الطرف المصري يصرح باستضافة «مجاهدي خلق» إلا أن مبدأ التهديد وفرض المواقف هكذا علانية وبتصريحات رسمية من قبل الإيرانيين أصبح مقلقاً، لأن التهديدات تزايدت منذ تولي باراك أوباما الحكم، مما يعزز في كل مرة الظنون بأن إيران تتعمد مضاعفة المشاكل لتفرض شروطها وتجعل من نفسها شرطياً على دول المنطقة.

ولو رأينا ما يحدث على الجانب الإيراني فإنه أمر مفزع أيضاً، حيث لا يزال أفراد مهمون من تنظيم القاعدة يسكنون في إيران، وهي ترفض تسليمهم أو السماح بمعرفة نشاطاتهم، وقد سبق لهم أن كانوا طرفاً في تفجيرات في الرياض. كما أن بعض المطلوبين في العراق أيضاً لا يزالون في إيران، وكل ما فعلته هو أنها وعدت الطرف العراقي والأميركي بأنها لن تسمح لهم بممارسة نشاطات معادية على أراضيها. وعلى الأراضي الإيرانية لا يزال بعض مفجري الخبر في السعودية يعيشون طلقاء، وترفض إيران تسليمهم حتى الآن. وهكذا، فإن الممارسات الإيرانية منذ عقود لم تتبدل من حيث تهديد الجوار وحماية الإرهابيين ورعاية المتطرفين ودعم المنشقين في العالم العربي، ومع هذا يخرج نائب وزير الخارجية الإيرانية يهدد مصر لو قررت السماح لجماعة مجاهدي خلق بدخول أراضيها. إنه يؤكد مرة أخرى على خطورة التفكير الإيراني الذي يعمل جاهداً لبناء سلاحه النووي ومشروعه السياسي المعادي لدول المنطقة.

[email protected]