هل رافسنجاني صديق العرب؟

TT

لا يوجد موقف مبدئي ضد النظام الإيراني، الخلاف مع برنامجه العدائي ونشاطه على الأرض العربية. ونرى داخل الصفوف الإيرانية قادة يمكن تصنيفهم في خانة الأصدقاء مثل هاشمي رافسنجاني، رئيس مجلس تشخيص النظام الإيراني، رغم أنه متهم بالعداء للعرب في زمن رئاسته، وأنه كان مسؤولا عن سوء معاملة مئات الآلاف من المساجين العراقيين في زمن الحرب، تهمة لا نجد ما يدعمها.

الملاحظ أن صورة رافسنجاني تحسنت كثيرا في العالم العربي، ربما بسبب التطرف المتزايد الذي طبع تصريحات ونشاطات قائدي إيران اليوم، المرشد خامنئي والرئيس نجاد. فقد حرص رافسنجاني على ألا يكون طرفا معاديا لأي فريق عربي، فتحاشى انتقاد مصر، وحافظ على علاقة معقولة مع دول الخليج، وخص بهجومه إسرائيل والولايات المتحدة.

إلا أن زيارته إلى العراق اعترضتها الاحتجاجات، وتحديدا من قبل نائب الرئيس العراقي السني طارق الهاشمي الذي قاطعه، وتبنى حزبه الهجوم على رافسنجاني علانية. وهو هجوم يبدو أنه يخدم سياسيا الهاشمي مرتين، فهو متهم بأنه على علاقة جيدة مع الإيرانيين والعراقيين المقربين من إيران، ولهذا خسر كثيرا في الانتخابات المحلية العراقية الأخيرة، ومهدد بخسارة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومن مصلحته أن يتخذ موقفا سلبيا ضد الإيرانيين على الأقل هذه المرة. كما تخدم انتقادات الهاشمي الضيف رافسنجاني في إيران أيضا، لأنها تحكم عمليا من جانب فريق نجاد الذي هو على خلاف مع رافسنجاني وسيكون سعيدا أن تفشل زيارته. لا أدري إن كان تفسيري زاد القصة غموضا لكن المغزى وبيت القصيد هو رافسنجاني. فالرجل لا يختلف كثيرا عن بقية قادة إيران في مسألة تملك سلاح نووي، وبناء نفوذ إقليمي لكن أسلوبه أقل عداء، وسبق له أن سعى لإصلاح العلاقة العربية وخرج من الحكم قبل أن يكملها.

وبسبب خلفيته التجارية، وعدم انغماسه في الطرح الديني المؤدلج، عرفناه سياسيا براغماتيا. هذه الصورة الحسنة لرافسنجاني قد لا تفيد كثيرا على اعتبار أن الحكم في طهران اليوم في يد الرئيس نجاد وبدعم كامل من المرشد الأعلى. وكان كثيرون في انتظار رافسنجاني أن يكون صاحب نفوذ بحكم مكانته وتجربته وفريقه لكن ذلك لم يتحقق بسبب التهميش الذي تعرض له كثيرا من قبل الفريق الآخر.

مع هذا أعتقد أن القوى السياسية المتطرفة في داخل إيران تفقد شعبيتها مع تزايد العقوبات الاقتصادية الأميركية، التي زادت في عهد الرئيس الأميركي المعتدل أوباما. كما أن ممارسات القيادة المتطرفة في الداخل تزيد من عدد خصومها، حتى في داخل النظام نفسه. كل ذلك سيضع الإيرانيين، على الأرجح، في صف رجل يقف في المنتصف هو رافسنجاني. والفارق بينه وبين زعيم معتدل مثل الرئيس السابق محمد خاتمي، المترشح للرئاسة من جديد، أن رافسنجاني يملك قوى حقيقية على الأرض، وهو أقرب إلى خلافة المرشد الأعلى، الذي يجعل الكثيرين يرجونه إن لم يكونوا يؤيدونه اليوم. بالنسبة في العالم العربي لا يهم كثيرا من يحكم طهران طالما أن سياسته تمتنع عن مد اليد إلى الجيران العرب. أما ما يفعله القائد الإيراني داخل بلاده فمن نافلة القول هو أمر يخص الإيرانيين وحدهم.

[email protected]