وما دخل الإسلام في البشير؟

TT

نحن أمام مشهد متكرر في كل أزمة عربية، فها هو رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني يقول من الخرطوم إن قرار إيقاف الرئيس السوداني عمر البشير هو إهانة للمسلمين! أما حماس، ويا للسخرية، فتحذر الزعماء العرب من الوقوف موقف المتفرج وتذكرهم بأن الدور عليهم بعد إعدام صدام حسين.

بداية لا بد من القول هنا إنه ويل للعقلاء في هذه البقعة من الأرض، حيث لا منطق ولا عقل ولا تعقل، ولا إدراك لعواقب الأمور، ولا قيمة أيضاً للإنسان المسالم، حاكماً كان أو محكوماً، والدليل هو هذا الشلال من الدم في منطقتنا.

فحين يقول علي لاريجاني إن استهداف الرئيس السوداني هو إهانة للمسلمين فإن السؤال هنا هو: أوليس أهل دارفور، بل ضحاياها، مسلمين أيضاً؟ أوليست إهانة لإيران «الإسلامية» أن تقبل بهكذا ظلم على أهل دارفور؟

وعندما تتحدث حماس مدافعة عن البشير، مذكّرةً الزعماء العرب بما حل بصدام حسين، فحينها يكون السؤال: وماذا عن ضحايا صدام حسين من العراقيين؟ وما فعله بالعراق طوال سنوات حكمه، وحتى انتهى في حفرته الشهيرة؟ وماذا عن ضحاياه من العرب؟

الحقيقة التي يجب أن تقال للرئيس البشير هي أن من جاءوا إلى الخرطوم، يقبلونك ويعلنون الوقوف معك، هم أنفسهم من قادوا صدام حسين وغيره في منطقتنا إلى ارتكاب الأخطاء، وقادوهم إلى حتفهم، حيث غرروا بهم، ثم تركوهم يواجهون مصيرهم المحتوم.

ويا لذاكرتنا القصيرة، فقط أغمضوا أعينكم وتذكروا زوار الأيام الأخيرة لبغداد، قبل سقوط نظام صدام، وتلك التصريحات الكاذبة التي أُطلقت حينها دفاعاً عن صدام، ونقيضها الذي قيل بعد سقوطه!

الحقيقة أن النظام السوداني تجاهل قرابة عشرين قراراً دولياً في خمسة أعوام حول دارفور، وتجاهل كل المطالبات التي كانت تنادي بإيقاف الجرائم بدارفور، وضرورة الحل السلمي والإنساني هناك، واليوم جاء وقت الحساب بكل بساطة.

حركة حماس الإخوانية آخر من سيفيد نظام البشير، بل ليتها تفيد نفسها وتجنب أهل غزة خطر الأيام المقبلة، وتعمد إلى رأب الصدع الفلسطيني، وتجنب القضية كلها أن تتحول إلى ورقة يلعب بها من يشاء بحثاً عن دور أو صفقة.

أما طهران فمن المؤكد أنها ستبيع الخرطوم عند أول منعطف تفاوضي مع واشنطن، مثلما فعلت مع العراق لوجستياً، أيام بدء الغزو الأميركي لبغداد، ومثلما فعلت عندما سهلت غزو واشنطن لأفغانستان.

وعليه فإن أكبر خطرين يتهددان البشير اليوم هما من الداخل والخارج، فخارجياً هناك خطر زواره الذين يعلنون التأييد له، أما داخلياً فهناك خطر من وصفهم البشير بالمحبين الذين يقول إنه اكتشفهم داخل السودان بعد قرار إيقافه. فزوار الخرطوم لم يفيدوا حاكم بغداد بالأمس حتى يفيدوا البشير اليوم، كما أن المحبين من أهل الدار قد ينقلبون على رئيسهم في أي لحظة خصوصاً بعد أن حوله القرار الدولي إلى رجل معزول دولياً، ومحاصر داخلياً.

[email protected]