أسلوب العقاد

TT

على الرغم من أنني أتردد على صالون أستاذنا عباس العقاد منذ عشرين عاما، فإنني إذا رأيته في الشارع لا أستوقفه. ويبدو أنه لا يريد ذلك. فهو يمشي مندفعا يجر ساقيه. أما رأسه فقد استقر مشدودا على كتفيه. والطربوش فوقه.

وأعرف أين سيذهب الأستاذ. إنه يمر على مكتبة للشيوعيين. وهو يكرهها ويكرههم. وكثيرا ما وجدني هناك. وكأنه لا يتوقع ذلك، فيسأل: وأنت ما الذي أتي بك إلى هنا يا مولانا؟

فأقول: الكتب يا أستاذ!

ثم يتجه إلى مكتبة أخرى. وبسرعة يأتون له بمقعد فيجلس. ويلتف حوله أصحاب المكتبة يسألونه إن كان يعرف أن كتابا لفلان قد ظهر. ولكن في ذلك اليوم أتوا له بكتاب بالفارسية عن أبى نواس. وكان العقاد مشغولا بتأليف كتاب عنه. وعندما استضفت طه حسين وعشرة من الأدباء في التليفزيون، فسخر طه حسين من أسلوب العقاد في رسم الشخصيات. وقال: إن العقاد قد تناول الشاعر أبا نواس، كأنه استخرج مجنونا من مستشفي الأمراض العقلية!

ها ها..

فالعقاد مشغول بالتفسير النفسي لأي أديب أو زعيم أو مفكر. وبعد ذلك يتجه إلى أعماله الأدبية أو الفلسفية. أما طه حسين فيعتمد في الدرجة الأولى على النصوص. على الكتب ومنها يفهم الشخصية. وهذان منهجان في الدراسة: التفسير النفسي للأديب والتفسير البلاغي للأديب.

وبعد شهور ظهر كتاب العقاد عن أبي نواس، ولاحظت أن العقاد لم يشر في المقدمة إلى أنه استعان بمن يعرف اللغة الفارسية لينقل أحدث الدراسات عن أبي نواس. وسألته فضحك وقال: طبيعي أن أبحث وأن أدرس. والقارئ لا يهمه إن كنت اقترضت لكي أشتري كتابا بلغة أخرى وليس عندي مال! المهم أن يجد ما أقنعني وما يقنعه!

.. ولم أقتنع!