أنام ملء جفوني ويسهر النوم!

TT

من أجمل الكتب الأدبية والأخلاقية والصوفية كتاب «بستان الورد» للشاعر الفارسي سعدي الشيرازي الذي توفي في القرن الثالث عشر. وقال المستشرقون كلاما كثيرا. ولكن الأهم هو أن الشاعر قال نثرا جميلا وشعرا أجمل.

مثلا قالوا: إن سعدي كان مهندما منظما وإنه عاش أكثر من مائة سنة. ولكنه رتب حياته على هواه.. فقد أمضى الثلاثين الأولى في الدراسة والثلاثين الثانية في الرحلات والثلاثين الثالثة في التأمل ومراجعة دواوينه.. والسؤال: وهل كان الشاعر يعرف أنه سوف يعيش أكثر من مائة سنة ولذلك رتب سنوات عمره على هذا النحو؟ طبعا لا.. ولكنه كلام. وقد درسنا وسافرنا وتأملنا.. ولا نعرف أن هناك سنوات للبحث فقط وسنوات للحياة وسنوات للتأمل. وإنما كلها تختلط بعضها مع بعض ونحاول في هذه الفوضى والارتجال أن نرتب خطانا وأفكارنا وأن نجاهد ونقول ونمضى فنقول!

والشاعر سعدي كالبحر مضطرب متدفق أمواجه صغيرة وكبيرة ومن خلال الأمواج نلمح أسماكا تأكلها أسماك وتلمع حبات اللؤلؤ.

والشاعر سعدي لا يهتم كثيرا بترتيب هذا الذي نراه.. إنه يثور ويفور ويمضى إلى مكان آخر وأناس آخرين.

وقالوا عنه رحمة الله عليه إنه كان سليط اللسان؟ ويقال إنه التقى بأحد الشعراء في مكان عام فسأله الشاعر: من أين؟ قال: من شيراز. فقال له: هل تعرف أن أهل شيراز في بلدنا أكثر عددا من الكلاب! فتضايق سعدي وسأله: وأنت من أين؟ قال: من أصفهان. فقال سعدي: هل تعرف أن عدد أبناء أصفهان في بلدنا أقل من الكلاب!

وكان الشاعر سعدي كما قال الشاعر العربي الكبير:

أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر القوم جراها ويختصمو

ومثل الحكمة الإغريقية: قل كلمتك وامش!

أي المهم أن تقول كما تريد وتمضي لحالك. أما الذي يقوله الآخرون فشأنهم وليس شأنك!