موت المؤلف والملحن!

TT

هل صحيح أن المطرب يحتكر كل الأضواء، والبريق، والظهور، بينما يتقاسم الشاعر، والملحن الفتات؟! فإذا كان للأغنية أركان ثلاثة أساسية هي: النص، واللحن، والأداء، فلماذا يكتفي الكثير من القنوات الفضائية بإظهار صورة المطرب، واسمه، وتغييب الركنين الآخرين، بتطبيق مبدأ موت المؤلف والملحن؟! وهل صحيح أن المطربين يحتلون 90 في المائة من شهرة العمل الغنائي، ويتقاسم الملحن، والمؤلف العشر المتبقي الفائض عن حاجة المطرب الفنان؟!

هذه الأسئلة ـ الغارقة في علامات التعجب ـ من المؤكد أنها مرت في أذهاننا جميعا، فنحن نعرف وجوه كل أو جل المطربين من عبد المطلب إلى نانسي عجرم، مرورا بعبد الحليم حافظ، وفايزة أحمد، وصباح، وطلال مداح، ومحمد عبده، ولطيفة، وهاني شاكر، وأصالة، إلى آخر قائمة الفنانين المشهورين والمغمورين، لكن القلة، هي التي تعرف ملامح بعض الشعراء الغنائيين أمثال: أحمد شفيق كامل، وعبد الوهاب محمد، ومرسي جميل عزيز، وإبراهيم خفاجي، وصالح جلال، وثريا قابل. ولا تبعد أوضاع الملحنين من حيث معرفة الناس بأشكالهم وملامحهم كثيرا عن أحوال الشعراء الغنائيين، فقد يمرون من أمامنا دون أن نتعرف عليهم، ودون أن نتنبه لوجودهم رغم استحقاقهم للشهرة، والإعجاب، والتقدير.

وحده الملحن والشاعر الغنائي سليم عساف، هو الذي دفعني لكتابة هذه السطور تعاطفا، وأنا أقرأ لقاء معه في إحدى الصحف الإلكترونية يطالب فيه بشجاعة بأن ينال حقه من الشهرة كشاعر وملحن أسوة بالمطربين، ويقول: «يوجد كثر من الناس لا تعرف شكل رياض السنباطي، والناس عرفت شكل عبد الوهاب عندما مثل وغنى، وكذلك فريد الأطرش»، ويتساءل:«مش حرام الذي قدم جانا الهوى ـ بليغ حمدي ـ التي نطرب لها من خمسين عاما حتى الآن، لا يعرفه كثير من الناس، بينما فنان يقدم كليب في ظرف شهر يعرفه كل الناس؟ هذا ظلم!».

للأسف إن وضع المؤلف والملحن في ثقافتنا الفنية السائدة كوضع المعلم ينطبق عليه قول الشاعر:

عبروا عليه وجاوزوه كأنما خلق المعلم للتسلق سلما

فرفقا بالشعراء والملحنين يا جرائدنا، وقنواتنا، وإذاعاتنا، فمن حق هؤلاء صناع النجاح الفني أن يتقاسموا مع المطربين ولو بعض الشهرة، لكي لا ينفرد المغنون وحدهم بالمال، والشهرة، والحضور، ويكون نصيب هؤلاء المبدعين التجاهل، والظل، وقبض الريح.

[email protected]