تشيني.. انتهى عهد الكذب على الشعوب

TT

تناقلت وكالات الأنباء خلال الأيام الأخيرة تصريح ديك شيني نائب الرئيس الأمريكي السابق حول أمن أمريكا في عهد أوباما، حيث اعتبر أن سياسة باراك أوباما تهدد أمن الولايات المتحدة وتجعلها عرضة لمخاطر أمنية من جهات إرهابية وغيرها، وستكون بالتالي أقل أماناً مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق جورج بوش، وأن سياسة الرئيس بوش لمكافحة الإرهاب كانت ضرورية للغاية في درء هجمات إرهابية لاحقة بعد 11 سبتمبر. ولكن هذا الاعتقاد يجافي الحقيقة تماماً .. ففي عهد الرئيس السابق جورج بوش فقدت أمريكا أمنها بسبب سياسة الإدارة السابقة التي استعْدت معظم شعوب العالم بالسياسة البوليسية التي اتخذتها بذريعة مكافحة الإرهاب. وحتى شعبها فقد أمنه وأمانه، حتى من الحكومة نفسها، حيث صارت تتلصص عليه وتسلبه حرياته واحدة تلو الأخرى، حتى صارت أمريكا مثلها مثل بعض دول العالم الثالث، بل صارت الرقابة والملاحقة أكثر بما لدى الدولة من أجهزة رقابية متطورة. وحتى الاتصالات الهاتفية لم تنجُ من الرقابة والتنصت وما عاد المواطن يأمن غيره ولا يطمئن على أسراره.

أما كون هذه السياسة كانت ضرورية في درء هجمات إرهابية لاحقة بعد 11 سبتمبر، فهذا مجرد افتراض مثله مثل أسلحة الدمار الشامل في العراق والتي أقامت بها الولايات المتحدة الحرب المدمرة، وأخيراً، باعترافهم، لم يجدوا أثراً لتلك الأسلحة في العراق.

وسياسة أمريكا الخارجية في عهد الإدارة السابقة لم تكسب إلا عداء الشعوب، وذلك لتدخلها السافر في كل بقاع العالم وتنصيب نفسها حاكماً عاماً على كل دول العالم وفرض سياستها واقتصادها على كل دول العالم. وبكل أسف لم تكن عادلة حتى في ظلمها، فكانت تكيل بمكيالين كما هو معروف عنها تحاسب من يخالف سياستها وتغض الطرف عن أخطاء حلفائها. وبالرغم من قوتها الاقتصادية والعسكرية لم تحقق الولايات المتحدة في عهد الإدارة السابقة أهدافها.. فلم تحقق نصراً عسكرياً يذكر لا في العراق ولا في أفغانستان ولا في فلسطين، بالرغم من الأموال الطائلة التي أنفقتها في تلك الحروب، التي في النهاية انتهت بالأزمة المالية العالمية التي لم يشهد مثلها العالم منذ ثلاثينات القرن الماضي، وستظل أمريكا والعالم تدفع ثمن سياستها إبان العهد الماضي ربما لعدة سنوات قادمة.

أما سياسة الرئيس باراك أوباما، التي أعلن عنها، فهي مختلفة عن سياسة الرئيس السابق، فمنذ البداية أعلن رغبته في تصحيح السياسة الأمريكية وتحسين الصورة القاتمة التي تركتها الإدارة السابقة، وذلك بانتهاج سياسة التفاهم والتعاون والاحترام وتبادل المنافع مع جميع دول العالم. وذلك هو الذي يقود إلى السلام ويبعد شبح الحرب والكراهية.

فمعلوم أن الظلم هو السبب الرئيسي لجنوح الكثيرين إلى الإرهاب وهو ما حدث إبان حكم الرئيس بوش.. وإذا نجح الرئيس أوباما في بسط الأمن ونشر العدل ورفع الظلم عن الضعفاء والمقهورين فإنه سينجح في تغيير وجه أمريكا إلى الأحسن، وستتلاشى كراهية الشعوب لها، وسيعم الأمن بلاد العالم كله، وسيقل ويتلاشى العداء لأمريكا، مما ينشر السلام في ربوعها وربوع العالم.

ونقول لـديك تشيني: كذبت، فما وصل إليه العالم من دمار في المال والأنفس هو بسبب سياساتكم الرعناء التي لم تترك منجزات غير آثار الحروب والتقهقر الإنساني والحضاري والاقتصادي، ولقد كان لآرائكم الرعناء واستشاراتكم واقتراحاتكم الفاسدة أكبر الأثر في تلك المسيرة الظالمة والمظلمة لأمريكا، بل وللشعوب قاطبة، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ».

وحسبنا الله ونعم الوكيل..

* وزير الإعلام السعودي الأسبق