مصر.. ومتى يأتي يوم العقل؟

TT

ها هي القاهرة تصحو على تحشيد آخر من أجل مظاهرة جديدة، هذه المرة باسم الاقتصاد، بعد أن شهدنا مظاهرات سابقة، قبل فترة بسيطة إبان حرب غزة تطالب مصر بالحرب، وتتهم الحكومة بالتقاعس.

اليوم نحن أمام تحريض على مظاهرة جديدة أطلق عليها اسم «يوم الغضب» من أجل رفع الحد الأدنى للأجور وانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد لمصر، وهي مظاهرات تنادى لها جميع أقطاب المعارضة في مصر بقيادة حركة 6 أبريل، ودعم الإخوان المسلمين بالطبع.

لكن يبقى السؤال الملح، والمهم، والذي لا بد أن يتكرر في مصر وغيرها من الدول العربية، وهو متى يأتي يوم العقل في مصر، وغيرها من العالم العربي، خصوصا بالنسبة للمعارضة المصرية، ومن يرى أنها على حق، ويؤيد مطالبها؟

ولنفهم المقصود علينا أن نتأمل الصورة التالية، فنحن أمام طريقين، أحدهما يؤدي لليمين، والآخر لليسار، أي إننا أمام مفترق طرق، فطريق الحرب هو إلى اليسار، وطريق البناء والاقتصاد إلى اليمين.

وبالتالي، فإن السؤال هنا هو: أي الطريقين يريد المصريون من قيادتهم سلوكه، هل المطلوب من القيادة المصرية أن تتجه يسارا وتتبع طريق الحرب، بكل تبعاته، أم أن على القاهرة أن تذهب يمينا وتسلك طريق البناء والاقتصاد؟

فلا يعقل أن يخرج المتظاهرون مرة بلافتات الحرب، وفي اليوم التالي يخرجون بلافتات الاقتصاد والبناء، فللحرب ثمن، وللبناء ثمن، واقتصاد الحرب مختلف عن اقتصاد البناء، كما أن دولة الحرب غير دولة البناء.

هذا الحديث ليس دفاعا عن الحكومة المصرية، فأهل مكة أدرى بشعابها، بل دفاعا عن العقل والمنطق، فالعالم اليوم يشهد أزمة اقتصادية غير مسبوقة، فهناك مؤسسات يفوق اقتصادها الاقتصاد المصري وهي على وشك الإفلاس، إن لم تكن قد أفلست!

والأمر لا ينطبق على مصر فقط، فالمزعج في عالمنا العربي أننا بتنا نبحث كل يوم عن حريق جديد تحت أعذار مختلفة، فمن يخرج مطالبا بالحرب، هو نفسه الذي يخرج مطالبا بالازدهار والرخاء، وأبسط مثال على ذلك حركة الإخوان المسلمين في مصر أو الأردن أو غيرها من العالم العربي، حيث يبدو أن المقصود هو استمرار الشحن تحت أي ذريعة.

فعندما خرجت المظاهرات حول غلاء الأسعار في مصر العام الماضي، كان الغلاء وقتها ظاهرة عالمية، وحينها ارتكبت الحكومة المصرية تحت ضغط شعبي خطأ اقتصاديا مثلها مثل كثير من حكومات منطقتنا.

حيث عمدت القاهرة إلى زيادة رواتب الموظفين لمجابهة غلاء المعيشة بالأمس، بينما اليوم تواجه صعوبات في توفير الدخل لدفع تلك الرواتب، مثلها مثل غيرها من الدول الأخرى نظرا للأزمة الاقتصادية العالمية الحالية!

من حق المعارضة أن تعارض، ولكن للوطن حق عدم المزايدة عليه أيضا، فالسؤال هنا: أين المعارضة المصرية قبل أسابيع عندما وقع انفجار خان الخليلي الذي استهدف السياحة المصرية التي تمثل شريانا حيويا للاقتصاد، لماذا لم تخرج للشارع منددة بما حدث؟

[email protected]