.. والآن نرى الغدر بالصحوة

TT

عندما نقول الغدر بأبناء الصحوة فهذه ليست مبالغة، بل هي حقيقة يجسدها ما يحدث على الأرض في العراق اليوم، حيث باتت الصحوات هدفا سهلا لتنظيم «القاعدة» وميليشيات «أخرى»، وكذلك هدفا للحكومة العراقية.

في 24 أغسطس (آب) 2008 كتبت مقالا بعنوان «هل هو الغدر بأبناء الصحوة»، وغضب من غضب وقتها، بل يكفي الاطلاع على خلفية من غضبوا من مقال آخر كتبته في تاريخ 15 سبتمبر (أيلول) 2007 بعنوان «من قتل الشيخ الشجاع»، وذلك بعد اغتيال الشيخ عبد الستار أبو ريشة، بعد اجتماعه الشهير مع الرئيس السابق جورج بوش حين زار العراق والتقى به وحده دون سائر القيادات العراقية، حيث ان السياق مستمر فيما يختص باستهداف الصحوات.

واليوم نرى استهدافا منظما للصحوات وقياداتها، من اغتيالات واعتقالات، آخرها ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» بحق أحد شيوخ الصحوات وهو ماهر سرحان عباس، المعتقل سرا منذ قرابة 29 يوما، وبحسب ذويه فإن رجال الأمن أبلغوهم بأن الاعتقال تم بأمر من مكتب رئيس الوزراء.

وعندما نقول الغدر فلسبب بسيط وهو أن رجال الصحوات البالغ عددهم قرابة مائة وعشرين ألفا لم يحملوا السلاح ضد الحكومة العراقية، بل ضد تنظيم القاعدة الإرهابي، وساهموا في الاستقرار الذي قاد الأميركيين للشروع في الانسحاب من العراق. لكن يبدو أن النظرة القاصرة للبعض في بغداد أرادت تغليب المصالح الضيقة والطائفية، على حساب الاستقرار، ولذا بات استهداف هؤلاء الشباب العرب السنة، والذين هم من مكونات العراق، على قدم وساق.

والعملية ليست وليدة اليوم، فالتخطيط لتصفية الصحوات بدأ منذ أن رشحت معلومات عن أن الأميركيين ينوون الانسحاب بعد أن ساهمت الصحوات في تحقيق الاستقرار في المناطق السنية الملتهبة في العراق.

العام الماضي قال جلال الدين الصغير عضو البرلمان عن الكتلة الشيعية «لا يمكن للدولة أن تقبل رجال الصحوة، وأيامهم باتت معدودة»، بينما وصف وقتها العميد ناصر الحيطي قائد لواء المثنى بالجيش العراقي رجال الصحوة بأنهم «مثل السرطان، ولا بد من استئصالهم».

بل أن السيد المالكي يقول إن القاعدة والبعثيين قاموا باختراق الصحوات، كما أن الحكومة العراقية تستخدم أعذارا مضحكة لضرب الصحوات، ومنها الاستناد إلى اعترافات من قبل مقبوض عليهم من القاعدة بأن فلانا أو غيره كانوا من أعضاء التنظيم.

وما السر في ذلك، فقيادات الصحوة تعلن دائما انها كانت في يوم من الأيام مع القاعدة، وحملت السلاح ضد الأميركيين والحكومة، لكنها، أي الصحوات انقلبت عليهم وحاربتهم وجلبت الاستقرار إلى المناطق الوسطى.

والسؤال اليوم هو متى تعلن الحكومة العراقية أنها أخطأت بحق الصحوات وتحميهم أولا من الغدر «الداخلي» وتجنب العراق مستقبلا مظلما، فلا يمكن القضاء على 120 ألف مسلح بكل بساطة، إلا إذا كان المطلوب هو حرب أهلية، وهنا يكون السؤال: لمصلحة من ستكون تلك الحرب؟

[email protected]