هل يمزح لاريجاني مع المصريين؟

TT

لا بد أنه يمزح أو ربما يؤكد على صحة الرواية، أعني التصريح المنسوب إلى السياسي المعتدل نسبيا علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني الذي قال إن رواية اعتقال خلية حزب الله في مصر هدفها التأثير على الانتخابات اللبنانية. كيف يمكن أن تؤثر قصة اعتقال لبناني متورط في تأسيس خلية سرية مسلحة في القاهرة على أصوات اللبنانيين شبه المحسومة أصلا؟ الشيعة سيصوتون للمرشحين الشيعة، والسنة سيصوتون للمرشحين السنة، ومسيحيو السنة، أي حلفاءهم، سيصوتون للمسيحيين منهم، ومسيحيو الشيعة سيصوتون للمسيحيين منهم أيضا، وسيصوت الدروز غالبا لمرشحيهم، وهكذا. فكيف يمكن للمصريين أن يؤثروا على الانتخابات النيابية هناك؟ على العكس تماما، لو كان للحادثة أي تأثير، وهو أمر مستبعد، سيتمسك كل لبناني بصوته الطائفي. لبنان الآن استقر منقسما منذ اغتيال رفيق الحريري وبقية رموز تياره. وتعمق انقسام اللبنانيين بعد احتلال حزب الله بيروتَ الغربية الذي جعلها حربا شيعية سنية.

ربما لو كان لانكشاف خلية حزب الله في مصر أي تأثير شعبي لأصاب إيران أولا. ولو كان الترشح والتعبير والانتخاب بالفعل حرا في إيران لأصبح التورط الخارجي موضوعا انتخابيا، لكن عامة الإيرانيين لا يسمعون ولا يرون ولا يقرأون الكثير مما يقال عن نظامهم في الخارج بسبب الرقابة الصارمة، وبالتالي ما حدث في مصر والبحرين واليمن ولبنان وغيرها كان له أن يخلق تيارا شعبيا إيرانيا رافضا للطرح المتطرف عند نظامه، لكن ذلك لم ولن يحدث في الظروف الحالية. حدثت مرة وغضب الإيرانيون حتى اضطُرّ حينها السفير اللبناني في العاصمة الإيرانية إلى التراجع عن قبول دعم مالي قدمته بلدية طهران لمساعدة لبنان بعد الحرب بين إسرائيل وحزب الله. فقد ثار الطهرانيون غضبا، واستنكروا أن يقوم رئيس بلديتهم بالتبرع ببعض أموالهم، التي دفعوها للخدمات البلدية، من أجل اللبنانيين. تراجع وأعلن السفير أن لبنان لا يحتاج إلى أموالهم. من حق المواطن الإيراني أن يسأل لماذا يدفع ثمن هذه النشاطات في جبال اليمن وسهول لبنان وأحياء القاهرة؟ بالتأكيد لو علم لكان موقفه مختلفا تماما، كما فعل مع رئيس بلدية طهران. لن يرضى أن يكون بقرة حلوبا لتمويل نشاطات حزب الله أو حكومة أحمدي نجاد أو غيره. أما العلاقة الثلاثية، حزب الله ونظام طهران والخلية، فإن البصمات الدالة عليها كثيرة. عدا عن اعتراف أمين عام حزب الله نفسه فإنه سبق أن جرى تجنيد الشباب في إيران لاغتيال الرئيس المصري، هكذا علانية وأمام وسائل الإعلام. حدث ذلك في نفس الأيام التي نشطت فيها الخلية في القاهرة. الصورة واضحة، تقوم طهران علانية بالدعوة لاغتيال الرئيس المصري، وحزب الله يحث رسميا على إسقاط النظام المصري ودعوة العسكر إلى الانقلاب، وترسل خلية سرية إلى القاهرة يقودها عسكري من حزب الله. كيف لها جميعا أن تكون مجرد فرقعة إعلامية؟ والأغرب كيف يؤثر الحديث عنها على الانتخابات اللبنانية؟

بل هل يُعقل أن تكتشف في بلدك خلية عسكرية خطيرة تعمل ضدك ثم يُستنكر عليك أن تتحدث عنها حتى لا تتأثر الانتخابات اللبنانية؟!

[email protected]