كيف سيصلح بيل غيتس مدارسنا؟

TT

ربما تطلق عليها فلسفة أوباما ـ دنكان ـ غيتس ـ ري في إصلاح التعليم. لقد زار بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت الذي تفرغ من أجل الأعمال الخيرية، صحيفة «واشنطن بوست» مؤخرا من أجل الحديث عن عدة أشياء من بينها كيفية تطوير المدارس من أجل الأطفال الفقراء في بلادنا. ولا يستطيع الكثير من الأطفال في هذه البلاد أن يرتقوا بإمكانياتهم لأنهم ولدوا فقراء ويلتحقون بمدارس مريعة، مما يعد أكبر فضيحة للبلاد، كما أشار بيل غيتس في رسالة أرسل بها أخيرا من مؤسسة بيل وميليندا غيتس. (والجدير بالذكر أن ميليندا غيتس عضو في مجلس إدارة مؤسسة واشنطن بوست).

وكتب غيتس: «يتخرج 71 في المائة فقط من الطلاب في المدارس الثانوية في غضون أربع سنوات، أما بالنسبة للأقليات فأعدادها أسوأ، حيث تصل نسبتهم إلى نحو 58 في المائة من الطلاب ذوي الأصول اللاتينية و55 في المائة من ذوي الأصول الأفريقية. وإذا كان انخفاض نسبة وفيات الأطفال (في الدول النامية) من أفضل الإحصائيات الإيجابية، فإن هذه الأرقام تعد هي الأكثر سلبية».

وقد أنفقت المؤسسة حوالي 4 مليارات دولار من أجل تطوير المدارس الثانوية وتعزيز الالتحاق بالجامعات منذ عام 2000. وفي هذا الإطار، فقد اكتسبت هذه المؤسسة خبرة قيمة بشأن الأساليب الناجحة وغير الناجحة. وبناء على هذه الدروس المستفادة، ذكر غيتس نقطتين لهما الأولوية: مساعدة المؤسسات المدرسية ذات الامتيازات الناجحة، مثل «برنامج المعرفة هي القوة»، على التضاعف بأسرع ما يمكن؛ وتطوير كفاءة المدرس في جميع المدارس الأخرى.

وفي كلتا الحالتين، تقف بعض المؤسسات أمام هذا التطوير. وتقاوم المجالس التعليمية التوسع في شبكات المدارس ذات الامتيازات. كما تعارض نقابات المعلمين قياس الكفاءة ومنح المكافآت وفقا لها. ويقول غيتس إنه في واقع الأمر، يتضح عدم وجود صلة بين جودة التدريس ومعظم الإجراءات المستخدمة في عقود تحديد الأجور. وتعد الأقدمية، والحصول على درجة الماجستير أو شهادة معلم، والإلمام العميق بالمادة من أكثر الأشياء غير المهمة. ونتيجة لذلك، يجب أن تذهب بعض الأموال، التي تخصص لمكافأة المعلمين الذين يحصلون على أعلى الدرجات وإلى المعاشات التي لا يحصل عليها سوى هؤلاء الذين يعملون لمدة 10 سنوات أو أكثر، إلى الإبقاء على أفضل المعلمين الذين قد يتركون العمل بعد أربعة أو خمسة أعوام.

وسيكون أحد أغراض قياس الكفاءة هو توزيع أفضل المعلمين على أكثر المدارس احتياجا، ودفع أجورهم وفقا لمقياس الكفاءة. أما الغرض الثاني فهو فصل أسوأ المعلمين. ولكن أوضح غيتس أن الهدف الأهم هو أنه من الممكن تعليم كيفية التدريس بكفاءة: «والجزء الأكبر هو مساعدة الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا جيدين».

ويتفق الرئيس أوباما ووزير التعليم، ومدير التعليم السابق في شيكاغو، آرني دنكان في الرأي. وفي أثناء اجتماع شعبي إلكتروني في البيت الأبيض، ذكر أوباما أن أولوياته هي مرحلة التعليم ما قبل المدرسي، والمدارس ذات الامتيازات، وكفاءة المعلم.

وقد أكد كل من أوباما ودنكان على أنه لا يجب الحكم على كفاءة المعلمين وفقا لاختبارات قياسية فقط، بل يحتاجون إلى اختبارات ذات مقاييس أفضل تقيس درجة تحسن مستوى الطالب في العام، ليمكن بعدها مكافأة المعلم أو محاسبته. ومثلما قال غيتس، الذي ناقش معه أوباما كفاءة المعلم في اليوم السابق للاجتماع، أكد أوباما ودنكان على مساعدة المعلمين الذين يريدون التحسن. ولكنهما يعتقدان أيضا أن المعلمين غير الأكفاء يجب ألا يستمروا في عملهم أوتوماتيكيا، كما هو الغالب حاليا. وقال أوباما: «ليس من المستحيل إبعاد المعلمين السيئين، لأن هذا يجعل الجميع في المدارس محبطا.. ويجعل المهمة أصعب على المعلمين الذين ينتقل إليهم التلاميذ في العام التالي».

وهذه أيضا هي المبادئ التي تسعى مستشارة التعليم في العاصمة ميشيل ري لتطبيقها على مدارس واشنطن. وتقول، مثل أوباما، إنها تريد أن تعمل مع المعلمين، وليس ضدهم. ولكن حتى الآن فعل اتحاد المعلمين كل شيء ممكن من أجل عرقلة جهودها، ومثال على ذلك: منع معلمي المنطقة التعليمية من التصويت على مقترحاتها. ويريد الاتحاد، في إحدى نقاط الاختلاف، قياس الأداء على مستوى المدارس، وليس كما يدعو معظم المصلحين، إلى قياس أداء المعلم الفردي بالإضافة إلى المدرسة ككل. ومن غير المفاجئ أن يميل أعضاء الاتحاد، الذي يتحكم فيه معلمون قدامى، إلى هياكل الأجور والمعاشات التي تكافئ المعلمين القدامى، وليس إلى أفضل إستراتيجية لجذب الأفضل من بين جيل لا يتصور قضاء 20 أو 30 عاما في خدمة صاحب العمل ذاته.

وفي أثناء زيارة إلى صحيفة «البوست» في بداية الشهر الحالي، أقر دنكان ـ دون التعليق المباشر على الحديث الدائر حول عقود المعلمين في واشنطن العاصمة ـ الاتجاه الذي تسلكه ري.

وقال دنكان: «يجب أن نكافئ التميز. يجب أن نكافئه ونحفزه ونسلط عليه الضوء، وهو ما تحاول هي فعله. وعلينا أيضا أن نسهل من عملية التخلص من المعلمين عندما لا تتحقق عملية التعليم».

وأضاف دنكان: «لقد انتقل البندول في هذه البلاد باتجاه البالغين. وهي تحاول أن تعيد اتجاهه من جديد». وربما تساعد الرياح القادمة من البيت الأبيض ري على دفع البندول باتجاه الأطفال أولا.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»