شيكات وأشخاص بلا رصيد!

TT

الشيكات بلا رصيد تصدر ـ في الغالب ـ من أشخاص بلا رصيد أخلاقي، ولها في الكثير من الدول عقوباتها الرادعة، والحاسمة، والحازمة، وحينما يصل حجم أموال الشيكات المحررة من دون رصيد في السعودية إلى أكثر من 10 مليارات ريال، وتبلغ نسبة قضايا الشيكات المرتجعة، المطلوب تنفيذها في محكمة جدة التجارية وحدها إلى ما نسبته 30 أو 40 في المائة من إجمالي القضايا المعروضة على ذات المحكمة، فهذا يعني أن ثمة خللا في الإجراءات الجزائية المتبعة، من شأنه أن يفقدنا الثقة في هذه الوسيلة الحضارية، التي يتعامل بها أهل الأرض بنجاح منذ عشرات السنين، ولا أعتقد أن اقتصادا ناجحا يمكن أن يقوم في أجواء من عدم الثقة بالشيكات المحررة، وليس من المعقول بطبيعة الحال العودة إلى التعاملات النقدية المباشرة، وزمن شوالات النقود المحمولة على الأكتاف.

وفي سياقات هذه الصورة نشرت صحيفة عكاظ، عدد الجمعة الماضية، خبرا عن تحرك 4 وزارات هي: الداخلية، والعدل، والتجارة، والمالية لدراسة تطبيق حزمة إجراءات جديدة تهدف إلى تسريع تنفيذ أحكام قضائية صدرت ضد أصحاب الشيكات المحررة من دون رصيد، وقد تضمنت الدراسة المقترحة إعطاء دوائر التنفيذ في المحاكم العامة حق البت في قضايا الشيكات المرتجعة، بحيث يسمح للقاضي استيفاء قيمة الشيك الجزئية أو الكلية من حساب محرر الشيك، وإن كانت في حسابات أية بنوك أخرى. كما تخول الإجراءات الجديدة، الإفصاح عن أي أصول، سواء كانت ثابته أو منقولة للمدان في قضايا الشيكات من دون رصيد، من خلال ربط قضاة التنفيذ بالجهات المسؤولة عن الأصول ذاتها.

والخبر جميل لولا أنه يبدأ بكلمة «تدرس»، أي أن الأمر لم يزل في طور الدراسة، وما أدراك عن الأزمنة التي تتطلبها أية دراسة في بلادنا، بحيث ينطبق على المتضرر المثل «موت يا حمار حتى يأتيك العلف»، أو حتى تنتهي الدراسة، وتتحول إلى قرارات مطبقة، وفاعلة، وملزمة.

ولدي ـ على المستوى الشخصي ـ حساسية من أي خبر يبدأ بكلمة «تدرس»، فحينما بدأت العمل الصحافي قبل أكثر من ثلاثة عقود مضت، كان أول خبر صحافي نشر لي، يشير إلى أن جهة ما تدرس إنشاء خط حديدي بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولا يزال المشروع ـ ربما حتى اللحظة ـ قيد الدراسة.

[email protected]