المالكي.. لا يوجد «دول جوار» على الخارطة!

TT

إذا كانت بغداد تجرؤ على الإعلان عن رغبتها بشراء سرب مقاتلات إف ـ 16 بدعوى التصدي للمخاطر المحتملة من إيران وسورية، بعد رحيل الأميركيين، فكيف لا يعلن رئيس الوزراء العراقي من هي «دول الجوار» التي هددها أول من أمس؟

فمنذ مدة ورئيس الوزراء العراقي يهدد «دول الجوار» دون أن يسميها، ومن ينظر إلى الخارطة لا يجد أي دولة مجاورة للعراق اسمها «دول الجوار»، فهل يعقل أن تسمي بغداد سورية وإيران عند تبرير صفقة الأسلحة، ولا تسمي من يهدد أمنها؟

فقد قال المالكي في تجمع لشيوخ عشائر في بغداد «أوقفوا الذين يتسببون بالأذى للعراق حتى لا يكون العراق مضطراً للدفاع عن نفسه». وأضاف «أعلنوا عن رغبة المودة والمحبة والعلاقات الإيجابية حتى يكون العراق سبّاقاً إليها.. تقدموا إلينا خطوة نتقدم إليكم ذراعاً».

فهل هذا الحديث هو لمجرد حلحلة مصالح سياسية عالقة مع بعض الدول العربية المجاورة لبغداد، والمحتجة أساساً على عدم التزام حكومة المالكي بالوعود والعهود التي قطعتها من أجل المصالحة، وتغليب مصلحة العراق على مصالح إيران، أم أن هناك أسباباً أخرى؟

واللافت أن حديث المالكي جاء أمام العشائر العراقية في الجنوب، وهي المعنية بعروبة العراق ووحدة أراضيه، كما كان لافتاً الإعلان في اليوم نفسه عن إلقاء القبض على سعودي من تنظيم القاعدة، وآخرين اكتُفي بالإشارة إلى أن جنسياتهم عربية، من دون تسمية دولهم. فما معنى ذلك؟

المهم هنا هو أن يقال لنا أين تدرب هؤلاء، ومن موّلهم، ومن أي حدود دخلوا إلى العراق، خصوصاً أن السعودية أعلنت مشروعاً ضخماً لتأمين الحدود الطويلة مع العراق، فهناك فرق كبير بين إرهابي محسوب على دولة، ودولة ترعى الإرهاب.

ومثال آخر هنا، هو أن الأردن عانى ويعاني من الإرهاب القادم من العراق، وها هي مصر تجد نفسها أمام مقتدى الصدر الذي خرج مؤيداً ما فعله ويفعله حزب الله في مصر، فمن الذي يجب أن يقول كفوا شركم عنا؟

يقول لي مسؤول عراقي كبير مطلع على تفاصيل ما يدور داخل العراق إن ما قاله المالكي يستهدف «عملية غسل الأدمغة العراقية من خلال وسائل الإعلام بالتحريض على دول الجوار العربية، وتحديداً السعودية، وكذلك النيل من مصر، كهدف أول»، مضيفاً أنه «ليس بسرّ أن أجهزة أمنية عراقية حساسة مخترقة من قبل الإيرانيين، وهذا ما أعلنه الأميركان من قبل، وهذا ما يعرفه العراقيون على الأرض، وبالتالي هناك محاولة لإشغال الرأي العام العراقي بأن العدو هو الدول العربية لا غيرها».

فإذا أراد المالكي حلحلة ملفات سياسية في المنطقة، فإن التهم والتهديد ليسا اللغة المثالية، وإلا ما الفرق بين عراق صدام حسين وعراق نوري المالكي. أما إذا كانت القصة هي فقط استهداف الدول العربية، فهذا خطأ استراتيجي عواقبه ستكون وخيمة على العراق أولا.

[email protected]