«تهويد»

TT

بينما الناس مشغولون بقراصنة الصومال، وملاحقة البشير بالسودان، وبرلمان الكويت، وانتخابات لبنان، ومغامرات حزب الله في مصر، تواصل حكومة إسرائيل المسعورة تعدياتها السافرة على مدينة القدس لإحداث أكبر قدر ممكن من التغييرات على أرض الواقع وتغيير هوية المدينة بالقوة وذلك بإخراج سكانها العرب وإحلال اليهود مكانهم باستخدام أقذر الوسائل وأوقحها بلا احترام للقانون أو الأخلاق.

إسرائيل تهدم المنازل وتصادر الأراضي وتطرد السكان وتعتدي على الملكيات بأسلوب مقنن لم يعرف العالم المعاصر له مثيلا.

إسرائيل منذ مدة ليست ببعيدة أطلقت صواريخها ورصاصها على أبرياء قطاع غزة مفظعة ومدمرة ومسقطة لأرتال من الضحايا في اعتداء عسكري سافر، واليوم هاهي إسرائيل تواصل حملتها لإبادة الهوية العربية للقدس تماما حتى تلغي «عمليا» المطالبة بموضع قدم للعرب في القدس ومسجديها الأقصى والصخرة، كل ذلك يتم في تآمر دنيء ما بين الحكومة وأجهزتها التنفيذية بمختلف أشكالها من جيش احتلال وبلدية ووزارة داخلية ووزارة عدل، مع وجود حالة القبول واللااكتراث واللامبالاة من المجتمع الدولي تثير الاشمئزاز والدهشة.

إسرائيل تحاول بشتى الطرق والوسائل الحقيرة تثبيت «يهودية» القدس بالقوة لإخراج المدينة من أي اتفاق أو معاهدة سلام ممكنة مع الفلسطينيين ودعم تسميتها كعاصمة «أبدية» لإسرائيل.

قضية تهويد القدس المستمرة بقوة هي مسألة أقل ما يقال عنها إنها في غاية الخطورة والأهمية، والاعتقاد «بسلبية وسذاجة» أن الموضوع شأن فلسطيني داخلي هو استهتار واستخفاف بالعقل.

مسلسل تهويد القدس الذي ارتفعت وتيرته في الآونة الأخيرة بشكل غير طبيعي وذلك بعد استغلال إسرائيل لصمت المجتمع الدولي عموما وتحديدا الإدارة الأميركية للجرائم التي تقوم بها، وكذلك لانشغال المجتمع المسلم والعربي بقضايا أخرى منها ما هو مهم وآخر سخيف، هذا المسلسل مرشح أن ينتقل لمرحلة أخرى من المواجهة وتصعيد للعنف منتظر. فالأراضي التي يجري الاستيلاء عليها وطرد ساكنيها هي لأناس لديهم عرض وشرف وكرامة، وطالما خذلوا من القانون والنظام والهيئات الدولية ولكن ليس لديهم الكثير من الخيارات العقلانية.

إسرائيل دولة مارقة بامتياز وباتت متخصصة جدا في الاستهانة بكل الأنظمة والقوانين وهي اليوم باتت في أمس الحاجة لمن ينقذها من نفسها. هذه الدولة المارقة التي تختبئ تحت ستار الديمقراطية الزائفة باتت أكبر عبء أخلاقي على المجتمع الغربي وليس هناك أبلغ من شهادات الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي يؤكد هذا القول وينتقد تمادي إسرائيل وعجرفتها في مخالفة الأنظمة الدولية وتحويلها إلى سجن كبير.

القدس تخسر ملامحها العربية بالتدريج وتغتصب ويعتدى عليها يوميا، والأرض باتت تشهد على الجرم المشهود المرتكب بحقها. دارفور وتيمور الشرقية وكوسوفو ليست المعارك الأخلاقية الوحيدة المطلوب الدفاع عنها، القدس تستحق إعلان معركة دولية ضد ممارسات إسرائيل فيها وفورا.

[email protected]