مصير الضباط الأربعة

TT

كثير من اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم السياسية، في حالة إنكار مستمرة حيال كثير من قضاياهم والسبب طول زمن الخيبة رغم كثرة الوعود. محاكمة قتلة الحريري بقيت دعابة على ألسنة المعلقين يشككون فيها منذ أن أعلن عنها، وطفح هذا الأسبوع بروايات احتمال إطلاق سراح الضباط الأربعة المشتبه في أمرهم والموقوفين، أي المسجونين، منذ نحو أربع سنوات. وسيحسم المدعي العام أمره خلال أيام إما بطلب نقلهم إلى سجن في مقر المحاكمة في هولندا أو السماح لهم بأن يقضوا فترة الانتظار في بيوتهم ومع ذويهم.

رافق الشك حديث المحكمة منذ أول يوم أقر فيه التحقيق الدولي، إذ قيل لن يكون هناك تحقيق، وعندما بدأ قيل أيضا إنه تحقيق صوري ولن يتم استجواب أحد. وعندما استجوب كثيرون تعجل البعض مؤكدين لن تقبل سورية، وعندما قبلت، شككوا مرة ثانية بأنها لن تسمح باستدعاء كبار مسؤوليها لكي يحقق معهم خارج أراضيها. وعندما وافقت وذهبوا، قيل إن الرئيس الفرنسي الجديد سيعارض المحاكمة وعندما لم يعارضها قالوا لن تكون هناك محكمة بعد خروج جورج بوش من البيت الأبيض. خرج بوش واستمرت استعدادات التحاكم. قيل ستتوقف المحكمة قبل أن تبدأ مع بوادر تحسن العلاقة السورية مع الرئيس الديموقراطي الجديد وحينها نقول وداعا للمحكمة. وعندما جاء أوباما وفتح باب التواصل مع دمشق أصرت حكومته على المحاكمة وصارت المحكمة حقيقة. وهانحن نرى جحافل المحامين والصحافيين تحجز غرفا في فنادق المدينة استعدادا للجلسة الأولى.

الضباط الأربعة المتهمون رقم أساسي في لائحة المطلوبين للشهادة لكن لا يستطيع أحد أن يجزم خارج غرف التحقيق بجرمهم أو براءتهم، إنما المهم أن تعقد المحكمة وتأخذ العدالة مجراها. وبمجرد انعقاد المحاكمة تكون الرسالة وصلت إلى جميع الأنظمة والمؤسسات السياسية أن ذريعة الشأن الداخلي لن تمنع المجتمع الدولي من التدخل وإلا من سيحمي الضعيف من القوي. ما حدث في لبنان من سلسلة جرائم قتل فيها قادة سياسيون وإعلاميون وعسكريون هي الأكثر في تاريخ لا لبنان وحده بل في المنطقة استوجب التدخل الدولي. لهذا فإن انعقاد المحكمة ضرورة، مهما كانت نتائجها بعد عام أو أكثر، لأنها تفشل حالة اليأس وعدم التصديق وتعزز الشعور بأن هناك أملا في الحماية الدولية أو المحاسبة الدولية عند الحاجة التي هي في صالح كل لبنان لا أهل الضحايا وحدهم. فمن ذا الذي يرفض مناخا سياسيا بعيدا عن التهديد والابتزاز؟

[email protected]