العشاء مع الأمين العام

TT

يقول الدكتور عمرو موسى إن العالم العربي كان في مواجهة حكومة إسرائيلية تدعي الليونة وإدارة أميركية رافضة، وأصبح الآن في مواجهة إدارة أميركية ليّنة وحكومة إسرائيلية رافضة. وتساءل: إلى أين سيفضي بنا ذلك؟ وسأل مجموعة من الصحافيين الذين يحضرون المؤتمر الثامن لمنتدى الإعلام العربي في دبي، ماذا يتوقعون من باراك أوباما. وكان الجواب شبه إجماعي. وهو أنهم لا يتوقعون شيئا على الإطلاق. وقال زميل إن الكونغرس مع إسرائيل أكثر من الكنيست والحزب الديمقراطي معها أكثر من حزب العمل، فماذا يمكن أن نأمل؟ وبعد ذلك عمّ جوّ عربي صافٍ وأصيل على النقاش، فتكلم كل واحد منا لنفسه بصوت عال، وصرنا نسمع أصواتا مرتفعة ولم نعد نفهم شيئا. وبما أن الدكتور موسى يقرأ هذه الجريدة يوميا (وهو للمناسبة معجب مثلنا بالزميل مشعل السديري) فقد اخترت أن أكتب له ردي على سؤاله. وأحب أن أقول إن أوباما، القادم إلينا وإلى أميركا من مناخ ثقافي وسياسي وإنساني مختلف تماما عن جميع من قبله، يستحق منا أن نمنحه فرصة قصيرة. أعطوه، على حسابي الشخصي، عاما على الأقل. ما هي خسارتنا في ذلك، بعد ما حدث مع جورج بوش؟

نحن أمام فرصة، أو بالأحرى أمام احتمال، فلماذا نطمره منذ الآن؟ ولماذا نبادر الرجل بكل هذه الكمية من اليأس؟ وكيف تحولنا جميعا إلى خبراء في الشؤون الأميركية نعرف، سلفا، أن أوباما سوف يكون مرهقا بالأزمة الاقتصادية ولذا لا يملك الوقت للتعاطي في القضية الفلسطينية؟

ما يزال أمامنا وقت كثير لإعلان يأسنا من الرجل. ولكن قبل ذلك يجب أن نحاول. ويجب أن نفصل بين الأحكام الصبيانية السطحية والمعرفة السياسية. فإذا كان الرجل قد اختار موظفا معروفا بتأييد إسرائيل للشؤون الإدارية في البيت الأبيض فهل يعني ذلك اعتماد الخيار الصهيوني في سياسته الخارجية؟

أمامنا وقت طويل للاشتباك مع باراك أوباما. إذاعاتنا حاضرة. محللونا جاهزون. فضائية الوطن العربي أعدت العدد. لكن لماذا منذ الآن؟ لماذا لا نحاول، مرة واحدة، أن نبعد رئيس أميركا عن إسرائيل؟ لماذا لا نحاول أن نشجعه بدل أن نلعنه؟ لماذا لا نظهر أننا نريد أن نعطيه الفرصة لكي يؤكد جذوره ونشأته وما تعلم من أبيه وأمه عن «الحقوق المدنية» و«الحقوق البشرية»؟ لماذا هذا الاستعجال على أوباما؟ أمامنا وقت كثير. منذ 60 عاما ونحن ننتظر. فلتكن سنة أخرى. حاولوا أن تحرجوه. حاولوا أن تخجلوه. لماذا تمنحون إسرائيل دائما كل شيء بمثل هذه المجانية؟