الحذر من أوباما

TT

منذ انتخابه، تتابع إسرائيل بدقة مواقف وحركة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وغالبا ما عبر سياسيون ومعلقون إسرائيليون عن قلق جدي من طروحات أوباما بشأن عملية السلام القائمة على قيام دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، ومطالبته إسرائيل بالالتزام بهذا الخيار، واستراتيجيته تجاه المنطقة، القائمة على نقد سياسة سلفه جورج بوش، وطرح مقاربة مختلفة إزاء ملفات العراق وأفغانستان.

أداء أوباما في الأسابيع القليلة الماضية ضاعف شعورا إسرائيليا عاما بأن الرئيس الأميركي ليس حليفا استراتيجيا لإسرائيل على النحو الذي انتهجه سلفه جورج بوش، رغم المواقف والتأكيدات التي تؤكدها الإدارات الأميركية المتعاقبة إزاء إسرائيل.

اللقاء الذي جمع في واشنطن بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كان مادة لمتابعة دقيقة من قبل الإعلام والمحللين الإسرائيليين الذين أسهبوا في الكتابة، ليس عن تباين المواقف بين الرجلين إزاء النظرة نحو السلام فحسب، بل هم غاصوا في تحليل أداء أوباما ونتانياهو، وتخاطبهما، وكيف جلسا معا، وماذا حضّرا ليؤكدا ما كان معروفا قبل اللقاء، وهو الفشل في الوصول إلى رؤية واحدة للعملية السلمية.

بعض المعلقين الإسرائيليين كتب أن أوباما أظهر صداقة متحفظة، حجبت الخلافات العميقة بين أوباما ونتانياهو..

الانتقادات السياسية والإعلامية في إسرائيل، سواء تلك التي أدانت نتانياهو لتصلبه، أو تلك التي شككت في انحراف إدارة أوباما عن التزام الولايات المتحدة التقليدي في حماية أمن إسرائيل، تعكس الحذر الطاغي اليوم في الدولة العبرية إزاء التحول في النظرة الأميركية تجاه المنطقة، وإنْ كان هذا التحول لا يزال غير واضح، وغير حاسم بعد.

وما يزيد في القلق الإسرائيلي هو محتوى الخطاب الذي يُنتظر أن يدلي به أوباما إلى العالم الإسلامي من مصر في الرابع من يونيو (حزيران) المقبل، الذي سيحمل مقاربته الجديدة في التعامل مع قضايا تمس العرب والمسلمين.

والحذر من أوباما ليس إسرائيليا فقط.. فهناك أوساط عربية أعربت ـ في أكثر من مناسبة ـ عن تشكيكها من سعي أوباما نحو إقامة حوار مع إيران، واحتمال أن يكون ذلك صفقة على حساب دول وأنظمة.

لا شك أن إسرائيل اقترعت في الانتخابات الأخيرة على نحو مختلف عما اقترع الأميركيون له، وهو مؤشر افتراق، من الحكمة عدم المبالغة في التعويل عليه، ولكنه مؤشر عن بداية افتراق. وليس بلا دلالة أن تكون مصر محطة أوباما الثانية بعد تركيا في مخاطبة العرب والمسلمين.

ثمة فرصة، من دون شك، وتفويتها مسؤولية جسيمة، لطالما دأبنا على تفويت مثيلات لها.

الإعلام العربي يتحضر معظمه لتغطية زيارة أوباما إلى مصر، وسط كثير من التكهنات حول تفاصيل المكان الذي سيلقي منه أوباما خطابه، ومدى قدرته على إقناع الرأي العام العربي بأن أميركا ليست عدوة للمسلمين.

هل نجحنا في استقبال الانعطافة الأميركية؟!

الأتراك فعلوا ذلك عندما استقبلوا أوباما، فماذا هيأنا نحن سوى بضعة كليشيهات كلامية وشعارات مضجرة؟!

diana@ asharqalawsat.com