إيران: أربعة من أربعمائة مرشح

TT

أفسد عليّ أحد القراء المعلقين في موقع إلكتروني جدّية القراءة للإعلان الإيراني الأخير بالسماح لأربعة مرشحين فقط بخوض الانتخابات الرئاسية ورفض أكثر من أربعمائة مرشح آخر.  فقد كتب معلقا على قرار مجلس صيانة الدستور: من الأفضل أن يسمى بـ«مجلس صيانة المكيفات»، بالفعل مهمته تكييف النتيجة النهائية، بحيث لا تخرج عن نفس النمط الرئاسي الدائم منذ قيام الثورة، وبحيث لا يصل إلى الحكم زعيم انقلابي التفكير والممارسات. الشخص المفتاح في إيران هو المرشد الأعلى الذي يملك كل الصلاحيات النهائية، الذي يقر ويرفض أي قرار رئاسي، والمرشد في نظام الجمهورية الإيرانية لا يناقش ولا يحاسب، ووظيفته مدى الحياة. هذا ما يجعل الانتخابات الرئاسية الإيرانية مصممة لتحقق نتيجة واحدة، انتخاب شخص بتفاصيل محددة ترضي المرشد. ولعل المرة الوحيدة التي خرج فيها الاختيار قليلا عن الخط المرسوم عندما تم انتخاب محمد خاتمي، الذي حظي بشعبية كبيرة، وفي حقيقة الأمر كان رئيسا صوريا، حيث حوصر إداريا وسياسيا وإعلاميا إلى درجة منعت وسائل الإعلام المحسوبة عليه ولم يستطع رفع الحظر عنها.

في الشهر المقبل سيكون رئيس إيران إما رئيس الوزراء السابق حسين موسوي، زعيما مثل أحمدي نجاد لكن يعتقد أنه أقل تشددا. والثاني مهدي كروبي، رئيس مجلس الشورى السابق إصلاحيا بنفس التوجهات المحافظة. وهناك محسن رضائي، الرئيس السابق للحرس الثوري الذي يعتقد أنه يماثل نجاد في فلسفته الخارجية. وبطبيعة الحال المرشح الذي لا يزال أوفر حظا هو الرئيس الحالي أحمدي نجاد.

ومهما كان الفائز في انتخابات الشهر المقبل فإننا نتوقع القليل أن يتبدل في نظرة إيران إلى المنطقة، على أنها أرض مباحة لمن غلب. وستبقى القضايا الرئيسية، السلاح النووي ودعم الجماعات المتطرفة ونشر الفكر الإيراني السياسي، سببا للصدام الخطير الذي حاولت دول المنطقة فعل كل شيء من أجل تفاديه منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية قبل عشرين عاما. وبغياب شخصية مهمة مثل هاشمي رافسنجاني، الذي لعب دورا مهما في تهدئة الأجواء وتطوير العلاقات العربية الإيرانية، فإن أي رئيس مقبل حتى لو كان أقل المرشحين الأربعة تطرفا، أي مهدي كروبي، فإنه سيحتاج إلى الكثير حتى يبدد المخاوف الحقيقية التي زرعها الرئيس نجاد في المنطقة.

وإن كان هناك ما نتطلع إليه، ليس اسم الرئيس المقبل أو سياسته المعلنة، بل موقف المرشد الأعلى لأنه رئيس الرؤساء في إيران، وعلى المترشحين للرئاسة أن يقبلوا بإطاعته طاعة عمياء عند انتخابهم، كشرط للسماح لهم بدخول الانتخابات. ولأنه ليس لأحد حق أن يفرض على الإيرانيين النظام السياسي المناسب يبقى الأنسب أن نتعاطى التعامل معه كما هو، وبما يقرره. أتوقع أن المرشد الأعلى هو صانع السياسة، أما الرئيس فينفذها، والمرشد هو الذي يقرر مشروع التسلح النووي أو سياسة التمدد الإقليمي، وبالتالي المفاتيح في يده وسياسة إيران لن تتغير إلا إذا قرر ذلك.

[email protected]