رؤية الموز للمرة الأولى

TT

يروي ميخائيل نعيمة في مذكراته «سبعون» أنه كان عائدا في صيف 1909 إلى الدراسة في أوكرانيا. وفيما هو يتمشى في ميناء بيروت وقعت عيناه على شيء لم يكن قد رآه من قبل: الموز!

وفكر فورا أن يأخذ معه هدية من هذه الفاكهة إلى صديقته «ليدا» ووالديها. وكانت «ليدا» هي الفتاة الوحيدة التي اعترف بحبه لها وبالزواج منها. واشترى الشاب قرطا من الموز الأخضر غير الناضج، ووضعه في سلة، ووضع السلة مع حوائجه على ظهر الباخرة، حيث كان يقضي الرحلة برمتها إلى أوديسا، على البحر الأسود،.

وصلت الباخرة بعد أيام إلى أوديسا وعليها أديبنا وسلته، فاستقل القطار إلى مدينة فولتافا، وتوجه فورا إلى منزل «ليدا» ووالديها. واكتشف أن الجماعة لم يروا الموز ولم يسمعوا عنه ولا قرأوا عنه. وسأله الأهل إن كانت الهدية للأكل، فأكد أنها كذلك لكنه اقترح أن تبقى بضعة أيام كي تستوي أكثر.

وغاب صاحب الهدية النفيسة عن أصدقائه فترة طويلة. وعندما عاد لزيارتهم وجد القرط لا يزال معلقا على الحائط وقشور الموز قد تبقعت واسودت. وبعد الترحيب بالصهر المحتمل سأله الوالد إن كان الوقت قد حان لأكل الموز. وأسقط في يده وفي فمه. إنه لم يذق الموز من قبل، ولا يعرف متى يؤكل ومتى لا يؤكل. لكن لون الموز المعتق جعله يعتقد أنه اهترأ ولم يعد صالحا للأكل. وتذرع أن أمامه موعدا عاجلا في المدينة فاعتذر وخرج. وعاد إلى أصدقائه بعد حين فلم يجد موزا على الجدار. لا هو سأل العائلة إن كانوا جربوه ولا هم أثاروا الموضوع. وبقي الموز خاطرة في عقل الكاتب لا يعرف طعمها إلى أن عاد إلى لبنان.

حاول كثيرا أن يزرع الموز في بلدته، بسكنتا، لكنها تقع في سفح جبل صنين، والموز يعشق الساحل والبحر والحر. والطعم الطيب الوحيد في الصومال هو الموز وهو أيضا صادرات البلاد الأولى. أما الصناعة الأولى، حتى إشعار آخر، فهي القرصنة، أو الجريمة البحرية، التي قال بعض القراصنة إن سببها مؤامرة غربية لتلويث البحر الأحمر. ما علاقة مصر واليمن وتركيا إذن؟