في انتظار خطاب أوباما

TT

لم يتسرب سوى القليل من المعلومات عن المباحثات المنتظرة للرئيس الأميركي باراك أوباما في جولته الشرق أوسطية في السعودية ومصر، أو تفاصيل الخطاب الذي سيوجهه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى العالم الإسلامي من القاهرة الخميس المقبل، باستثناء أنه سيكون لمد الجسور على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، بينما يدور الكثير من التكهنات حول أهميته الرمزية، والمتوقع أن يتناوله أوباما، والحيز الذي سيخصصه لما ينتظره العالم العربي منه بشأن رؤيته لدفع عملية السلام في المنطقة وصولا إلى تسوية نهائية.

وتوقيت الخطاب له أهميته أيضا، فصحيح أنه يأتي تنفيذا لوعد انتخابي خلال حملات الرئاسة بتوجيه خطاب للعالم الإسلامي، لكن اختيار الوقت يتزامن مع لحظات مفصلية في المنطقة وامتدادها الجغرافي، فهو يسبق حدثين انتخابيين على مستوى عال من الأهمية وسيشكلان خريطة التوازنات في الفترة المقبلة، هما انتخابات الرئاسة الإيرانية، والانتخابات التشريعية اللبنانية، إضافة إلى الحملة التي تشنها باكستان من أجل تقليم أظافر حركة طالبان الباكستانية التي تهدد بتحويل البلاد إلى أفغانستان كبيرة أخرى. والمرجح أن يكون لما سيقال صدى في الساحات الثلاث.

وتفيد كل التصريحات الصادرة عن المسؤولين الأميركيين حتى الآن بأن الإدارة الجديدة لم تبلور نهائيا رؤيتها بعد حول كيفية دفع عملية السلام في المنطقة، وإن كان ذلك لا يمنع إمكانية قراءة ملامح التوجه العام لها، وهو ارتباط الملفات والقضايا ببعضها، فالوصول إلى تسوية في عملية السلام أو التقدم في إطارها سينزع ورقة مهمة تستخدمها جماعات متطرفة وقوى إقليمية في أجندات أخرى، وسيخفف أحد أبرز عوامل التوتر بين العالم الإسلامي والغرب. وحسب ما قاله مسؤولون أميركيون في تقارير بالصحافة الأميركية فإن أوباما يريد منح نفسه مهلة عامين للوصول إلى الحل القائم على أساس دولتين فلسطينية وإسرائيلية.

وفي إطار هذه القراءة أيضا فإنه، كما يبدو، تسعى الإدارة الأميركية الجديدة إلى الحصول من كل طرف على تنازلات تسوقها للطرف الآخر من أجل تحريك العملية، مثل الضغط على إسرائيل من أجل وقف التوسع في المستوطنات مقابل خطوات عربية تشمل مثلا إعادة فتح بعض المكاتب أو حتى تعديلات في مبادرة السلام. ومن الطبيعي أن تكون المباحثات الرسمية، التي ستبدأ في الرياض ثم القاهرة قبل إلقاء خطابه، جزءا أساسيا من عملية بلورة الرؤية من أجل معرفة ما هو ممكن أو غير ممكن.

وفي هذا الصدد فإن المهم أن تكون الرؤية العربية واضحة وقادرة على المساعدة والاشتراك بأفكار عملية في تقديم قوة دفع لتحريك الأمور، وهنا فإن الأمور لا تتوقف على القاهرة والرياض فقط، في ضوء حقيقة أن اللاعبين أو المعنيين كثيرون ويستطيعون إجهاض أي تقدم، كما حدث في حالات سابقة، فهذه ليست المرة الأولى التي تنتعش فيها الآمال في المنطقة وتكتسب العملية السياسية زخما وقوة دفع ثم لسبب أو آخر تجهض وتعود دورة العنف أشد من السابق.

وما يدفع للتفاؤل أو الرهان على إمكانية أن تسير الأمور نحو الأفضل هو الشعور السائد في المنطقة بأن هذه فرصة لا يجب تفويتها، وأن هناك إمكانية حقيقية للوصول مع هذه الإدارة إلى حل نهائي، وإن كانت الواقعية تقول إن الطريق لن يكون سهلا على الإطلاق، كما هو ظاهر من رفض الحكومة الإسرائيلية وقف المستوطنات، والمهم ألا يلجأ العرب إلى الطريق السهل وهو اليأس وقلب الطاولة كما حدث في مرات سابقة.