نعم أوباما يستحق كل التقدير

TT

لم يكن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما من جامعة القاهرة، للعالم العربي والإسلامي، خطابا عاديا على الإطلاق، بل هو عنوان لمرحلة جديدة، بين أميركا والعالم العربي والإسلامي.

وصل خطاب أوباما إلى المواطنين العاديين في كل مكان في العالمين العربي والإسلامي، لسبب بسيط جدا وهو أن أوباما تحدث بتواضع ومنطق، شرح لهم قضايا جدلية، وأخرى طبيعية، إلا أن المهم فيها أنها هي القضايا التي يناقشونها كل يوم على موائد غدائهم وعشائهم، وفي مقاهيهم. فقد حمل لهم الرئيس الأميركي كل الملفات التي تلامس حياتهم، وقال لهم: بدلا من الحديث عن تلك الملفات التي تؤثر في حياتكم خلف الأبواب المغلقة، تعالوا نواجه قضايانا ونتحدث إلى بعضنا البعض.

تحدث أوباما إلى من نَصِفُهم دائما بالأغلبية الصامتة، أي المواطن العادي الذي يمقت التطرف، والتخلف، والاستنزاف، حيث حالة اللاحرب واللاسلم، المواطن الحريص على التعليم، وتوفير لقمة العيش الكريمة.

وكان من المفروض أن يكون خطاب أوباما خطابا يلقيه على مسامعنا، ومنذ زمن، زعيم عربي أو إسلامي، لا زعيم أميركي، فنحن ضحايا الفقر، والتطرف، والتخلف، والعنف، بكل أشكاله وتحت ذرائع مختلفة. كان يجب أن يسمع الرأي العام العربي والإسلامي منذ زمان بعيد ما سمعوه من أوباما بكل صراحة ووضوح عن السلام، ومحاربة التطرف، وحق التعليم، والحياة الكريمة، والمرأة، والأقليات، والديموقراطية، وغيرها.

وعندما نقول وصل خطاب أوباما فالدليل هو ردود الفعل المرحبة من غالبية الناس، والمتشنجة من المتطرفين، فها هو تنظيم «القاعدة» يفقد صوابه، حيث يستنفر بن لادن والظواهري للتحريض، وتكفير كل من يتعامل مع الأميركيين غير مدركين أنهم هم وتنظيمهم أصبحوا منبوذين في العالم العربي والإسلامي.

أما «الإخوان المسلمون» فقد رأوا في خطاب أوباما نظرة ظالمة للقضية الفلسطينية، ولا نعلم كيف يكون ذلك وهو يصر على حق الدولة الفلسطينية، وعلى أن أميركا لن تدير ظهرها لمعاناة الفلسطينيين.

وليس «الإخوان» وحدهم المتخبطين، فها هي حماس تحاول اللعب كعادتها بوجه معتدل وآخر من الصقور، حيث يقول أحدهم إن أوباما مثل مارتن لوثر كينغ، بينما يقول آخر إن خطاب الرئيس الأميركي ظالم ولا جديد فيه. وهذا أمر طبيعي، وغير مستغرب من حماس لأنها غير معنية أصلا بتوحيد الفلسطينيين، أو بناء الدولة الفلسطينية، حيث تأمر الحركة مسلحيها بمعاملة رجال الأمن في السلطة الفلسطينية كمعاملة جنود الاحتلال الإسرائيلي!

أما حزب الله فيقول إنه لا ينتظر من أوباما المواعظ، وهذا طبيعي أيضا ما دامت إيران، قائدة كل الرافضين والمتلكئين، لم يرُق لها خطاب أوباما، بل أزعجها، خصوصا أننا قد لاحظنا أمرا مهما ولافتا في ما يختص بإيران. فعندما تحدث الرئيس الأميركي عن الحوار مع إيران بلا شروط، أو بشكل إيجابي، فإن أحدا لم يقم بالتصفيق في جامعة القاهرة، وهذه رسالة مهمة جدا لمن يفهم ويعي.

ملخص القول أن رسالة أوباما قد وصلت، ولاقت الترحيب، والآن علينا عدم تكرار ضياع الفرص، ولا بد من التحرك بشكل عملي وفعال لاستغلال هذا الزخم الإيجابي في منطقتنا.

[email protected]