إيران تغيرت يا عرب إيران

TT

الدفاع المبالغ فيه عن احمدي نجاد، وتكذيب سيل أخبار الانتفاضة من إيران، يعبر بشكل جلي عن قلق العرب الموالين لإيران في معسكرات مثل حزب الله وحماس وغيرهما. ومن الطبيعي أن يشعر هؤلاء بالخوف كون إيران المتطرفة هي عماد وجودهم، وما قد يصيب النظام الحالي في طهران سيصيبهم مضاعفا.

ففي الساحة العربية تكالب المدافعون عن إيران على الحضور الإعلامي للدفاع المستميت ينكرون ما يشاهده العالم من مئات الآلاف من المتظاهرين بقيادة رموز من النظام نفسه. إصرار هؤلاء العرب على أنها دسائس، وأكاذيب، ومبالغات في نقل الصورة وتفسير ما يحدث. والحقيقة أن هذه الصفات اقرب إليهم، فهم إما في حالة إنكار ذاتية يرفضون معها تصديق الواقع الجديد في إيران، أو أنهم يدركون الحقيقة لكن يريدون رسم صورة أخرى لعموم العرب، وتحديدا لأتباعهم، الذين لابد أنهم في حالة صدمة كبيرة. فأنصار حزب الله، ولا أعني قيادييه أو منظريه، كانوا يظنون إلى البارحة أن إيران موحدة، وان قادة الثورة متفقون، وإذ بهم يسمعون كيل الاتهامات بالعمالة والتخوين والفساد ويشاهدون تمردا واسع النطاق. إن آلة الدعاية الموالية لإيران تخطئ بمحاولة وضع عصابة على أعين العرب وسد آذانهم بالتكذيب. ونحن نعرف أن في بيتهم جدت مشكلة، حيث صار الأتباع يبحثون عن أخبار إيران من خارج مصادرهم التقليدية، وذلك بسبب حرص وسائل الإعلام الحزبية التعبوية، والمحسوبة عليها، تقديم فقط الأخبار المطمئنة عن النظام، والمشككة في روايات الإعلام الآخر. من الطبيعي أمام هذا السيل الجارف من الحقائق، من صور وشهادات، أن يهاجر كثيرون إلى وسائل الإعلام الأخرى بحثا عن القصة الحقيقية، خاصة أنها طالت، حيث أن الانتفاضة ضد نجاد بدأت بعد إعلان النتائج في 12 يونيو ولم تنته بعد.

وسواء ظل نجاد رئيسا، وهو الأرجح، أو سقط، وسواء أخمدت أو استمرت المعارضة، فإن إيران عمليا تغيرت، وستنحرف بشكل أكبر لاحقا. وهذا يعني أن على هؤلاء أن يفكروا قبل أن يتحدثوا، إن كانوا معنيين بمستقبلهم ومستقبل معسكراتهم في المنطقة العربية.

بالتأكيد، الآتي غامض في إيران، إلا أن إيران الأمس لن تستمر مهما أفرزت الأحداث الحالية. انتهت إيران الواحد، النظام والشارع والمشروع. لن يقدر المتطرفون، حتى لو حافظوا على كل الحكم، تجاهل الفريق الضخم الذي يرفض ويعارض أطروحاتهم بما فيها سياساتهم الخارجية. لقد انتقد المعارضون نجاد على كل شيء حتى إثارته مسألة المحرقة، قالها الشيخ مهدي كروبي ضده في المناظرة على التلفزيون الرسمي، متسائلا باستنكار ما الذي ينفع حتى تدخلنا في جدل قديم يضر بمصالح إيران؟ ويتحدث الإيرانيون بشجاعة ضد رفض تبديد أموال الشعب الإيراني على مشاريع حزب الله، أو دعم حماس التي تنفق أموالهم على مقاتلة فتح، أو الحوثيين في اليمن أو غيرهم. معارضتهم قد لا تكون دوافعها سياسية بحتة بل نتيجة لشكوى المواطن الإيراني من ضيق عيشه. المواطن لم يعد متقبلا، مهما كان حاكم إيران، موسوي أو نجاد، أن يتقاسم الخبز من أجل طموحات بضعة أفراد في القيادة.

[email protected]