الطبق الذي كنت أحلم به!

TT

قال لي سكرتير الرئيس «سيادة الرئيس يريدك غدا الساعة الحادية عشرة».

وكان الرئيس السادات في الإسكندرية، وأنا في القاهرة. والتقينا، ودار الحديث.. وكان ممتعا. وطال الكلام والحديث والنوادر السياسية والاجتماعية.

وطال الكلام. وأتيحت لي دقائق اتصلت فيها بالطاهي في بيتنا، فقلت له «سأفطر هنا في الإسكندرية»، ولكن لاحظت أن الوقت ضيق.. وسوف أحتاج إلى ثلاث ساعات ـ على الأقل ـ لتفريغ الحديث المسجل، ثم كتابة المقال الأسبوعي. واتصلت بالطاهي، وقلت له «سوف أفطر في مصر. أريد طبق فول بالزيت الحار والليمون والخل والطماطم، ورغيفا طريا، وقطعة جبن، وأية فاكهة».

وفي الطريق إلى القاهرة، وفي إحدى الاستراحات قابلت صديقا قديما، جاء لتوه من أميركا. وكيف حالك وأولادك، فقال «إن أسرتي في الإسكندرية». وقد نسي رقم تليفونه، ولا يعرف كيف يبلغهم بحضوره. وأقنعته أن يعود معي إلى القاهرة، ونقضي ليله معا. فقد افتقدته سنوات طويلة. وعندي كلام، وعنده أيضا.

وكان لا بد من الكلام في السياسة، وماذا يفعل الرئيس السادات بعد أن نشرت الصحف الأميركية عن خلافات بين مصر وإسرائيل، فقلت «لا توجع دماغك». والسادات عنده مصنع نسيج لخيوط معاوية.. فخيوطه لا تنقطع!.

ووقفنا أمام بيتنا، وكان المدفع قد ضرب من نصف ساعة. وفى مدخل البيت وجدت البوابين والسفرجية والحراس يتناولون إفطارهم. تفضَّل.. شكرا. ووقف الطاهي وقال لي «يا سعادة البيه، لما سيادتك تأخرت، قلت إنك سوف تجيء غدا!».

يعني أنه أكل طبق الفول الذي كنت أتمناه..

وقال لنا السائق إن هناك (موائد الرحمن) في كل مكان.. أغربها مائدة الفنانة شريهان. ذهبنا.. فلم نجد أحدا. إذن، مائدة فيفي عبده.. وجدنا الناس قد أكلوا ومشوا.. فقلت «لم يبق أمامنا غير مائدة نجيب محفوظ». وذهبنا.. ووجدنا بعض المقاعد. ولكن الناس أكلوا ومشوا..

وذهبت إلى مطعم سمك لواحد بلدياتي مجاور لبيت نجيب محفوظ، وتقدمت أدفع لشاب، فقال صاحب المطعم «أنت ضيف الأستاذ. لقد علم بوجودك هنا!».