ووقفت هذه الجملة في حلقي!

TT

أحيانا تصادفني كلمة لا أعرف معناها، وأبحث في القواميس، وفى لغات مختلفة؛ فلا أجدها، أو أجدها ولكن المعنى مختلف. وأضيق بهذا البحث، وأحاول أن أنشغل بشيء آخر.. ولكن لا أستطيع؛ فأظل أبحث عن المعنى ليلة، أو أحيانا أياما، فإذا لم أجده؛ ذهبت لأسأل. حدث كثيرا.

وآخر هذه المرات من يومين، فقد وجدت في بحث عن (الهروب عند الحيوان) كيف أن الهروب هو أسلوب من أساليب الدفاع.. فالحيوان الصغير يهرب من الكبير بأن يجري، أو أن يعود إلى جحره، أو أن يتسلق الأشجار، أو يتجمد في موقفه ويتظاهر بالموت، أو أن يختبئ بين الأشجار ويغير لون شكله وحجمه.. أو يطلق سحابه سوداء تجعل الماء كله أسود؛ فلا يعرف السمك الكبير أين ذهب الصغير.. أو أن يدخل في قوقعة ليست له، ويختفي فيها تماما، وكلما ضاقت به؛ ذهب إلى قوقعة أكبر..

وبعض الأفاعي، إذا كان ذكرا، يفرز مادة لها رائحة الأنثى. وكلها أنواع من الهرب، من أجل أن ينفذ بجلده؛ ويعيش..

ثم وقفت هذه العبارة في حلقي. وهي باللغة الفرنسية: ومعظم الحيوانات الصغيرة لها طريقة «بريوس»!

أول مشكلة أن هناك خطأ مطبعيا في كلمة «بريوس»، فهي بالباء الخفيفة، والأصل أن تكون بالباء الثقيلة. و«بريوس» هذا هو أحد آلهة الإغريق. وهو من الآلهة الصغار، وكان عرافا، يعرف الماضي والحاضر والمستقبل بشرط. والشرط هو أن يُلقَى القبض عليه، وتُلف السلاسل حول ذراعيه. هنا فقط يقرأ لك مستقبلك، ولكن هذا المعنى لا علاقة له بالهرب.

وأخيرا، وجدت أن «بريوس» هذا هو أحد آلهة الماء، وأنه يخرج من الماء ويتمدد في جزيرة، والجزيرة بها منارة الإسكندرية الشهيرة، فإذا أحس بالخطر؛ تحوَّل إلى حيوان.. إلى شجرة.. إلى سمكة.. إلى سحابة.

أي هرب في أشكال وحيوانات أخرى. والمعنى الآن أن أسلوب «بريوس» هو الهرب متعدد الألوان والأحجام، وبذلك ينجو من الذين يحاولون القضاء عليه!