هل يضعف النظام؟

TT

من العنوان يدرك المتابع ان نظام الآيات في ايران ليس آيلا للسقوط، على الاقل ليس في الوقت الحاضر. إلا أن الأحداث أصابته في قيادته، وشرعيته، وسمعته، ومستقبله، والأرجح انها أضعفته. وضعف النظام لن يكون أمرا ظاهرا انما سنلمس علاماته في معاملات ايران الداخلية وكذلك الخارجية، مهما حاول التظاهر بأنه يقف على قدميه بنفس الصلابة التي كان عليها قبل الانتخابات.

كان في السابق يفاخر بأنه يساند الحركات الخارجية في لبنان وفلسطين والخليج وغيرها، سنرى في الايام المقبلة انه سيضطر إلى ممارسة عاداته القديمة في سرية قدر المستطاع، حتى لا يثير الرأي العام الايراني الناقم على مغامرات حكومته الخارجية. وحتى يتحاشى اغضاب المواطن الايراني سيضطر النظام إلى زيادة الانفاق الداخلي الذي سيضع ضغوطا كبيرا على ميزانيته من اجل استمالة الصفوف العريضة الغاضبة. سيتحاشى، مهما كلفه الأمر، الامتناع عن رفع الاسعار مهما كانت المبررات، وسيكون اكثر حرصا على تأمين حاجات الناس من الوقود والمعيشة، على اعتبار ان الظروف المعيشية المتدهورة هي السبب الرئيسي للنقمة الشعبية، وستزداد المصاعب ان ترددت الدول التي تبادل ايران تجاريا لانها ستطلب المزيد من الضمانات، بعد ان رأت النظام يترنح في المظاهرات العارمة، مما سيزيد من إشكالات النظام السياسية لأن الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية تقاطع ايران اقتصاديا مما يجعل كلفة نشاطاتها التجارية الخارجية مع الدول الأخرى عالية. والوضع ليس بأفضل في علاقاتها السياسية الخارجية حيث ان الدول الكبرى التي تساند ايران مثل الصين وروسيا ستعيد التأمل في انتظار اداء الحكومة الايرانية داخليا، فان كانت شعبيتها تنحدر ففيه مؤشر على متاعب طويلة ومرهقة للنظام، وبالتالي لن تغامر في دعم مواقف طهران السياسية، كما كانت تفعل قبل ان يضربها الزلزال السياسي الأخير.

أما داخل بيت القيادة، المرشد والرئيس والحرس الثوري، فلا ندري كيف تسير الأمور. فان كانت تعاني من تنازع فانها لن تستطيع ان تبقيه دائما سرا عائليا. وحتى نفهم ما يحدث اليوم فان ايران مثل ملاكم تلقى ضربات مفاجئة لكنها ليست قاضية، أسقطته برهة على الأرض فأحرجته امام الجمهور، وهزت ثقته فيه، وعززت من ثقة الخصم في نفسه ليكيل المزيد من الضربات، مع هذا لا يمكن ان يعتبر مهزوما. هذه حال القيادة الايرانية الآن التي يهمها بالدرجة الاولى صورتها، وثقة العالم في قدرتها على الوقوف، وهزيمة معارضيها بأقل قدر من الدم والإحراج.

هذه ليست مبالغة، انما حسابات بسيطة لنظام كون لنفسه صورة لا تقهر، وان العالم يخشاه، وبلغ من فرط ثقته الانتشار في عملياته الخارجية وتحدي عشرات الدول الكبرى، لتكون المفاجأة داخلية في تطورات مثل لكمات سريعة من حيث لا يحتسب افقدته توازنه. واذا سلمنا جدلا بقوة النظام المبنية على قوته الأمنية الداخلية فانه لا يمكن ان نستهين بالاضرار التي اصابته والتي ستؤثر على ادائه الداخلي والخارجي مهما حاول التظاهر كأن شيئا لم يكن، ومهما افتعل من اعذار وحمل الجهات الخارجية مسؤولية مشاكله الداخلية. تذكروا ان مثل هذه القلاقل لا تختفي حتى لو تبخر المتظاهرون من الشارع، لأنها اصبحت تيارا شعبيا سيوجع خاصرة النظام وسيقف له بالمرصاد في كل مناسبة.