من علمك الحكمة يا.. مشعل؟

TT

ملخص خطاب خالد مشعل في دمشق الخميس الماضي، هو قبوله بدولة فلسطينية بحدود 1967، والمصالحة مع فتح، والترحيب بخطاب أوباما في القاهرة، والرغبة في الحوار مع الأميركيين.

فما الذي تغير ليبدل زعيم حماس مواقفه، خصوصا أن ما قبِل به اليوم هو ما كان مطروحا منذ أربع سنين، وكان رد حماس الدائم هو التخوين، والتشدد، بل واللجوء أحيانا إلى تقديم ذرائع للإسرائيليين حتى يهربوا إلى الأمام؟

فالمتغيرات السياسية الإيجابية اليوم ليست صنيعة حماس، ولا يد لها فيها، سواء وصول أوباما للحكم، أو الخطاب الذي انتهجه، وحتى أحداث إيران الداخلية لم تأتِ لأن النظام الإيراني قد صحا، بل لأن الشعب هناك قال لنظامه يكفي هذا اللعب.

وقبل الوضع في إيران هناك نتائج انتخابات لبنان، حيث بدا أن طهران لم تستطع نصرة حسن نصر الله وأعوانه هناك، رغم كل المحاولات، عدا بالطبع عن التقارب السياسي بين سورية والعرب، ودمشق وواشنطن.

اعتدال مشعل، أو لجوؤه إلى المنطق السياسي، ليس نتيجة ما خلص إليه من تجارب، بل نتيجة واقع فرض نفسه، فحصار غزة لم يُرفع إلى الآن، ولم تتم إزالة آثار الحرب الإسرائيلية على غزة، ناهيك عن أن الناس هناك ما زالوا ينتظرون الوفاء بالعهود.

وهنا لا بد من التنبه إلى أمر مهم وهو إعلان حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية إفلاسها، وقد يكون ذلك مؤشرا على ما يتهدد حماس في قادم الأيام، حيث يبدو أن الراعي الرسمي لتلك الجماعات، أي إيران، لم يقم بتسديد الأموال منذ فترة.

وعليه فلا بد، عربيا بالطبع، من التثبت من نوايا حماس، وتحديدا خالد مشعل، لنتأكد من أننا لسنا أمام تحايل جديد من حماس من أجل شراء الوقت، وبالتالي تضييع الجهود، وتحديدا جهد المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية في مصر، خصوصا وأنه في ظل المماحكات العربية ـ العربية هناك من لديه الاستعداد لاستخدام الأموال وغيرها للتخريب فقط. والأمر الآخر، والذي لا يقل أهمية هنا، أن جميع المؤشرات تقول إن هناك خلافا حقيقيا بين نتنياهو والبيت الأبيض.

فالحديث الآن ينصبّ على أن خلاف نتنياهو وإدارة أوباما لا يمكن أن يطول، ومن شأن ذلك أن يسقط حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي قريبا، ولذا فيجب أن لا تقدم لنتنياهو أي ذريعة للهروب إلى الأمام.

وهذا أمر رأيناه مرارا من الجانب العربي ولسبب بسيط هو أن القضية الفلسطينية باتت ورقة يلعب بها النظام الإيراني وحلفاؤه، لفترة طويلة، وبمشاركة من مشعل، ولذا فالمؤمَّل أن تستوعب حماس هذا الأمر وتصمد على موقف منطقي، ولو مرة واحدة، شريطة أن لا تكون هناك بطولات مزيفة، وصواريخ تنكية، تزيح الضغط الأميركي عن نتنياهو.

نقول هذا اليوم لأننا لا نعلم إن كان ما أقدم عليه مشعل هو نتاج حكمة متراكمة ومتأخرة، أو أنها فقط حكمة الثعلب التي تعلمها من رأس الذئب الطائر!

[email protected]