تنافر الديمقراطيين

TT

«المصالحة: هي الإقدام على الوصول إلى اتفاق، أو معاهدة، أو تناغم»، حسبما أوردها قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية.

إلا أنه بموجب قوانين مجلس الشيوخ، فإن كلمة «المصالحة» يمكن لها أن تعني التعامل مع التنافر عبر تعميقه. وهي الوسيلة التي بترت أطراف النقاش في مجلس الشيوخ الأميركي وقلصت من حقوق الأقليات. وتزامن التهديد باستخدام هذه الوسيلة للإسراع في سن قانون إصلاح الرعاية الصحية مع الحوار المتعلق بالمحاكمات المحتملة المتعلقة بالسياسات الاستجوابية والتحقيقية الخاصة بالإدارة السابقة. وبات التجانس والاتفاق أكثر مراوغة.

وبموجب «المصالحة»، يمكن اقتصار المدة المتعلقة بالتباحث والنقاش حول مشروع قانون ما إلى 20 ساعة، وهو ما يسمح بتمرير قانون بأغلبية بسيطة (إما أن تتمثل في 51% من أعضاء مجلس الشيوخ أو 50%، فيما يقوم نائب الرئيس بكسر جمود التعادل) بدلا من اشتراط 60% من أصوات الناخبين لإنهاء النقاش، والتصويت لصالح تمرير نهائي لمشروع القانون. لقد قرر الرئيس والديمقراطيون في مجلس الشيوخ استخدام المصالحة بحلول 15 أكتوبر (تشرين الأول)، ما لم يذعن الجمهوريون إلى التفاوض على الرعاية الصحية. إلا أن التهديد بالمصالحة يخيب من الآمال المتعلقة بالمفاوضات.

وقد تمثل أكثر أنواع التغير أهمية بالعملية التشريعية خلال العقود الأخيرة، في تعاظم الاستخدام المشوش لإجراءات وعمليات التعطيل داخل الكونغرس لفرض شرط الأغلبية العظمى الواقعي لتمرير تشريع مهم. كما أن كلمة «مهم» في حد ذاتها أضحت أكثر مرونة.

وفي الوقت الذي باتت فيه واشنطن أكثر غموضا بالنسبة للأميركيين الأسوياء، بدت أسباب النزاعات القائمة بها مبتذلة وتافهة إلى حد كبير، حتى عندما تكون على نحو من الخطورة. ويعتبر مخطط المصالحة هذا غير معروف بالنسبة للكثير من الأميركيين، وكذا الحال أيضا بالنسبة للمؤسسة القابعة في قلب الجدل الدائر حول التعذيب، والمتمثلة في مكتب المستشار القانوني لوزارة العدل، حيث خرجت منها الوثائق المسماة بـ«مذكرات التعذيب»، التي تحاول أن تبرهن على شرعية بعض أساليب «الاستجواب المكثف». وفي هذا الصدد قدم مكتب المستشار القانوني لوزارة العدل الآراء المتعلقة بما هو شرعي وغير شرعي حيال التصرف والسلوك الحكومي. وعن طريق عدم النزوع إلى سرعة إبطال الحوار المتعلق بعقد محاكمات ضد مصدري هذه المذكرات، أو عبر الإلماح إلى المسؤولين الكبار ممن تصرفوا على أساس هذه المذكرات، فقد عرض الرئيس مدى جدوى ونفع مكتب المستشار القانوني لوزارة العدل للشبهة، فإذا أقدمت الإدارة المقبلة على تجريم مثل هذه الأحكام والآراء من قبل المكتب، فلن يكون مكتب المستشار القانوني لوزارة العدل حصنا منيعا لإنفاذ القانون بعد ذلك.

ويمكن لنانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، التي علمت بصورة متكررة عن هذه الأساليب بصفتها عضو بلجنة استخبارات، تقديم إجابة مفيدة على التساؤل: ما الذي علمتيه، ومتى علمتي بشأنه؟ وعادة ما كانت تتغلب على التحفظ الشائع في إعلانها عن رفضها واستنكارها لإدارة بوش، فلماذا لم تفعل ذلك حيال أساليب الاستجواب؟

علاوة على ذلك، فإن أربعة من عدد الـ15 عضوا بالمجلس الوزاري الخاص بالرئيس من الأعضاء السابقين في الكونغرس، إلى جانب الرئيس نفسه، ونائبه، ومدير فريق العمل بالبيت الأبيض. إذًا فإن هناك 7 من بين أبرز الرموز الإدارية الـ18 بالبيت الأبيض يمكنهم أن يقدموا لنا إجابات مفيدة حول هذه الأسئلة أيضا، بالإضافة إلى هذا السؤال: ما الذي صنعتموه حيال ما علمتموه؟

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»