إيران والعالم.. حرب كلام وصور

TT

تملك إيران في منطقتنا محطات تلفزيونية، وصحفا، وكتابا ومحللين، ورؤساء تحرير، ومواقع انترنت، كلهم مسخرون لخدمتها، وترويج أجندتها، حيث يقومون بتحسين صورة إيران، على الرغم من كل ما تفعله بالمنطقة.

يتصدر هؤلاء المؤتمرات، والندوات، ويحاضرون عن الاعلام والحرية، والمواطنة، ويتهمون مخالفيهم بالعمالة، فهم موجودون في العالم العربي للاسف، أو في بعض الدول الغربية، وليس في طهران، أو احدى المدن الايرانية.

يحدث كل ذلك ليس اليوم، بل منذ سنين، لكن في السنوات الاخيرة أصبحت المسألة على عينك يا تاجر، حتى أن بعض وكالات الأنباء المحسوبة على ايران تقوم بتلميع اتباعها في الاعلام العربي، بل وتسبغ عليهم الالقاب.

لكن عندما انقسمت ايران على نفسها بعد الانتخابات الاخيرة، واندلعت المواجهات بين المتظاهرين والنظام في الشوارع، حيث رأينا عنف الدولة ضد المواطنين العزل، وبعد ذلك طرد الإعلام الدولي من ايران، تغيرت الأمور تماما.

حيث رأينا مشهدا إيرانيا سبق أن رأيناه يوم انقلاب حزب الله في بيروت، واستهدافه للمؤسسات الإعلامية المخالفة له، كما قام الحزب بترويع الكتاب، والمحللين، والصحافيين الذين انتقدوا فعلته.

واليوم نرى ايران بقضها وقضيضها، كما يقال، تهب ضد الإعلام الخارجي، بحجة عدم التدخل في شؤون ايران الداخلية، ويا سبحان الله ولماذا كان لإيران الحق في التدخل بقضايانا، ودولنا؟

ويكفي هنا تأمل معركة إيران، وأتباعها، ضد محطة (بي. بي. سي) الفارسية، التي تسير على غرار المحطة الام الناطقة باللغة الانجليزية، لا المحطة العربية، وهذه قصة ثانية سيكون لها وقتها.

فإيران التي لم تتعود احترام سيادة الدول الاخرى، بل تتفنن في التدخل بالخليج العربي، ولبنان، وفي العراق الذي يفعل فيه الايرانيون ما يحلوا لهم، دون رقيب أو حسيب، والأمر نفسه في اليمن وغيره من دول المنطقة، تتجرع اليوم من نفس الكأس، ولكن إعلاميا.

فماذا لو كان السفراء الأجانب، ايا كانت جنسياتهم، يتنقلون في طهران من منزل كروبي إلى منزل موسوي، ويتفقدون الجرحى من ضحايا الباسيج، ويصدرون البيانات من هناك كما يفعل السفير الايراني في لبنان، أو العراق، فكيف سيكون حال ايران اليوم؟

الأمر الآخر الذي اتضح لنا من هذه الأزمة هو ان النظام الايراني لم يكن يقدر حقيقة السخط بين مواطنيه، ولم يستوعب ان الجيل الجديد من الايرانيين اكثر فهما للتكنولوجيا، وأكثر اتصالا بالعالم، ولذلك بدا النظام في ربكة شديدة وهو يصارع شعبا اعزل.

فرغم عزل ايران عن العالم في الايام الماضية، وطرد الاعلاميين، الا ان الصور ما زالت تخرج من هناك لتثبت ان المعارضة اكبر وأجرأ مما نعتقد، وان القضية ليست تدخلات خارجية، بقدر ما انها مشكلة داخلية ايرانية بامتياز.

ومن يعلم فبعد ما رأيناه في طهران من قمع وتصد لكل اشكال الاعلام، فقد يأتي اليوم الذي نشهد فيه الانترنت يأتي مجانا من خارج الحدود مثل القنوات الفضائية، حيث لا اشتراكات، ولا سيطرة، خصوصا ان العالم قد تنبه إلى ان الانترنت بات السلاح الانجع امام الديكتاتوريات.

[email protected]