هل تريدون القدس مدولة أم مقسمة؟

TT

على طاولة المفاوضات المقبلة سيكون الحديث مشابها لما سبقه في ايام ايهود اولمرت وايهود باراك ومحمود عباس وياسر عرفات، دولة فلسطينية حدودها الضفة وغزة، الا من اراض سيتم تبادلها بين الطرفين. ونظرا لكثرة ما نوقشت الحلول حفظ المفاوضون التفاصيل، ويكادون يتفقون عليها الا من تفصيل واحد بالغ الأهمية، القدس.

الرئيس الاميركي باراك اوباما الآن في ذروة حماسه، ومصر على بدء رئاسته بمشروع السلام، وهو مصر على التسريع في المفاوضات، وقد باشر معاركه اولا مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حول المستوطنات. وبسببها يتعرض أوباما لقصف شديد من المتشددين لوجهة النظر الاسرائيلية، الذين صاروا يتهمونه بالانحياز للعرب. لن تكون الطريق معبدة، رغم ان العرب يعلمون جيدا ان خيار المقاومة المسلحة فاشل، ولا خيار الا التفاوض، رغم ان الاسرائيليين يدركون اليوم أكثر ان الاحتفاظ بالاراضي الفلسطينية والسورية تحت احتلالهم لا يمنحهم الأمن الذي ينشدونه. الجميع يذهبون الى الطاولة وهم مقتنعون بأن أوباما في يده الحل الوحيد.

وعلى الطاولة يمكن الاتفاق على كل شيء ربما باستثناء القدس، وهنا راقبوا فريق اوباما الذي يريد ان يجرب خيارا جديدا بالنسبة للقدس. فهو يعتقد انه بدل تقسيم المدينة بالسكين، الى شرقية فلسطينية وغربية اسرائيلية، يمكن المحافظة عليها موحدة لكن تحت ادارة وحماية دولية، لا فلسطينية ولا اسرائيلية. سألتهم، أليس في انتزاع المدينة خلق مشكلة مع الطرفين اثناء وبعد المفاوضات؟ في نظرهم ان القدس مشكلة في كل الاحوال، الطرفان مختلفان على الطرقات ودور العبادة والاحياء والمقابر والتواريخ والعقارات الفردية، وان تدويلها سيخفف من التفاصيل المعقدة التي قد لا يتفق عليها ابدا مما سيسبب تعطيل مشروع السلام. يرون ان تفاصيل القدس يستحيل الاتفاق عليها بين الطرفين، وانه حتى لو اتفقوا فان كل طرف سيخاف من التوقيع على اي صيغة تقسيم حتى لا يقال انه تخلى للعدو عن مقدساته. الحل بالتالي، هذه مبرراتهم، المحافظة عليها مدينة موحدة تنتزع من يد الاحتلال الاسرائيلي وتعلن دولية يحج اليها كل المؤمنين من الاديان الثلاثة. وبالتالي هذا ينهي اخطر النزاعات في القضية العربية الاسرائيلية.

هل هذا صحيح؟

لا أدري الا ان الفكرة تستحق التفكير، وقد قيلت قديما من قبل الجانب العربي لكنها لم تمتحن سياسيا. في المفاوضات السابقة التي كادت ان تنتهي باتفاقية تاريخية في طابا بين باراك وابوعمار وبرعاية الرئيس الاميركي بيل كلينتون، وصلوا الى كل شيء معقول تقريبا باستثناء القدس. واحدة من العقد الرئيسية هي المسجد الأقصى. كلينتون ساند الفلسطينيين في حقهم باستعادته لكنه اشترط عليهم الا يحفروا تحت أرضه، لأن ما تحت المسجد يمكن ان يكون يهوديا وبالتالي يثير قلاقل جديدة. قال لهم خذوا المسجد لكن لا تحفروا تحته. شرط هين نسبيا لكنه لم يرض الاسرائيليين تماما ولا الفلسطينيين، ثم امتدت الخلافات حول المقبرة اليهودية والحي المغربي وما جاور حائط المبكى، واضطر المتفاوضون الى تقسيمها بشكل تفصيلي مزق المدينة. فريق اوباما يجرب ان يحافظ عليها مدينة موحدة حتى يخفف الضغط عن الطرفين السياسيين.