العراق.. معركة بايدن وسليماني؟

TT

في الوقت الذي بدأت فيه القوات الأميركية عملية انسحابها من المدن العراقية، اتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما قرارا بتكليف نائبه جو بايدن للقيام بمهمة المصالحة السياسية بين العراقيين.

تكليف بايدن له دلالات عدة، خصوصا أن العراق يستعد للاعتماد على نفسه أمنيا، كما يستعد للانتخابات القادمة التي تعد مصيرية، وإن كانت ليست قريبة الآن، لكن عملية التحالفات من أجلها تسير على قدم وساق في العراق.

يضاف إلى ما سبق التغيرات الطارئة بالمنطقة، من الانقسام الحقيقي الواقع في إيران، وهو ما قد يكون له تأثيرات على المنطقة والعراق تحديدا، إلى التحركات العربية ـ العربية، والتحرك نحو عملية السلام.

وبالطبع لا يمكن إغفال التحرك الأميركي ـ السوري الذي بات يسير بوتيرة متسارعة، حيث تقول مصادري إن قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال بترايوس يستعد لزيارة سورية قريبا، بعد أن زارها وفد من الضباط من دون الكشف عن تفاصيل تلك الزيارة.

كل تلك التحولات تقول إن العراق سيكون مهما في المرحلة القادمة، فعملية الانسحاب الأميركية من هناك تعني أن واشنطن تريد إنهاء احتلالها للعراق، وتأمين ظهرها من الإيرانيين، مع مباشرة المهمة الأصعب وهي إخراج المحتل الآخر في العراق وهو طهران.

ولإخراج الإيرانيين من العراق فلا بد من تنفيذ المصالحة العراقية أولا، وهذه مهمة ليست بالسهلة، ومن هنا فإن اختيار بايدن يعني «أنه سيمنح المهمة عضلات سياسية، ويسلط الضوء على أهميتها»، بحسب ما قاله لي مصدر أميركي.

وتولي مهمة المصالحة السياسية بالعراق يعتبر في واشنطن «وظيفة لا يرغب أحد القيام بها»، بحسب مصدري الأميركي. فهي مطلب ليس بالجديد، وصعوبته تكمن في أن القيام بالمصالحة يعني مواجهة مع طهران في بغداد! ولفهم ذلك لا بد من الإشارة هنا إلى تصريح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قبل أسابيع، حول التحالفات الانتخابية حين قال إن الائتلاف القادم لن يكون ائتلافا شيعيا، بل «الائتلاف الوطني لدولة القانون».

سألت مصدرا عراقيا مقربا من المالكي، ومطلعا على تفاصيل علاقة بغداد الرسمية مع إيران، عن معنى ذلك، فقال إن ذلك يعني «تشكيل تحالف ثلاثي مكون من حزب الدعوة، والتيار الصدري، والتيار الذي يقوده الحكيم»، مضيفا أن مهندس ذلك التحالف، أو كما قال بالحرف: «المايسترو في ذلك التحالف، هو قاسم سليماني رئيس فيلق القدس الذي يأتمر مباشرة من المرشد الأعلى في إيران». وكثير من المصادر الأميركية والعراقية تؤكد على أن لسليماني تأثيرا كبيرا في العراق.

كما أن حجم التحالف السياسي بين بغداد وطهران الآن وثيق جدا، ويقول لي مصدر عراقي كبير إنه في أثناء لقاءات المالكي بالمرشد في طهران فإن النقاش يدور باللغة الفارسية، ومن دون مترجم.

ومن هنا يبدو واضحا أن تكليف أوباما لنائبه جو بايدن للقيام بمهمة المصالحة السياسية في العراق سيعجل بمواجهة سياسية صعبة بين واشنطن وطهران في بغداد، قد يكون نجومها بايدن نائب الرئيس، وقاسم سليماني مفوض المرشد.

[email protected]