لنتجاوز الحروب القضائية

TT

لم يكن هناك أي شك في التصديق على تعيين سونيا سوتومايور قاضية في المحكمة العليا. فسيرتها الذاتية الملهمة ومؤهلاتها القانونية الواضحة، تؤكد على أن السيدة التي اختارها الرئيس أوباما سوف تكون أول شخص من أصول لاتينية وثالث امرأة تلتحق بالمحكمة العليا. وقد جعل تصويت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ والذي جاء بأغلبية 13 صوتا مقابل 6 أصوات، من ذلك حقيقة واقعة.

ومثلما يحق للأميركيين الشعور بالفخر لمشروع إسكان برونكس، فلا يستطيع أحد أن يشعر بالراحة لمشهد رحلتها أمام اللجنة القضائية. فجلسات الاستماع المنمقة والتصويت الذي يراعي توجه الحزب، يدللان على فشلين كبيرين في عملية التصديق الحديثة.

ومنذ أن عارض مجلس الشيوخ الذي يغلب عليه الديمقراطيون تعيين الرئيس ريغان لروبرت بورك عام 1987 وتعهد الجمهوريين بالثأر، كانت جماعات الضغط الفكري من خلال الجانبين ومن مختلف الأطياف السياسية، تصمم على جعل منصب المحكمة العليا بمثابة الجائرة في منافستهم المحتدمة.

وقد تطوع معظم أعضاء الكونغرس في كلا الحزبين أو تم سحبهم إلى الجيشين المتنازعين. فعندما يقف مرشح الرئيس الجمهوري أمام اللجنة القضائية، يمطره الديمقراطيون بوابل من الأسئلة العدائية ـ والعكس صحيح.

ونتيجة لذلك، أصبح المرشحون أقل إدلاء بالمعلومات ولا يجرؤون على تكرار خطأ بورك بالجدل حول القضايا القانونية الأساسية. وبدلا من ذلك، قاموا بالتمويه لأنفسهم في أنماط محددة. فعندما كان جون روبرتس يتجه إلى مقعد رئيس المحكمة العليا، كان هناك ادعاء بأنه سوف يكون محايدا. وبالنسبة إلى سوتومايور، كان هناك جدال بأن على القاضي أن «يطبق القانون». ومع الكثير من القيل والقال بشأن المرشحين من قبل البيت الأبيض ومساعدي وزارة العدل، فإن جلسات التصديق قد أصبحت شبه معروفة مثلها مثل الكثير من المناظرات أثناء الحملات الانتخابية.

وقد بدا الأمر كذلك لي على الأقل. ولكن خلال هذا الأسبوع، عندما تحدثت إلى اثنين من أكثر الأعضاء تفكيرا في اللجنة القضائية، وهما الرئيس باترك ليهي والسيناتور ليندسي غراهام، أعطيانا سببا آخر للتفاؤل. وفي مقابلات منفصلة، عبر كل منهما عن فهمه للشهود الذين وقفوا أمامهم وقال ليهي «هناك العديد من الأمور التي يرغب فيها رجال الكونغرس لكن المرشحين لا يستطيعون الخوض في رأيهم عنها، لأنهم لا يرغبون في أن يكون عليهم التمرد على أنفسهم عندما يقابلون هذه الأمور في المحكمة». وقد وافق غراهام على ذلك وقال «إن رجال الكونغرس يرغبون في معرفة الكثير ولكن على المرشحين أن يحموا أنفسهم».

وقد قال كل منهما إن العلاج الجزئي يكمن في سؤال المرشحين عن كيفية وصولهم إلى النتائج في القضايا السابقة أو الأحكام الإدارية وقياس توجههم إلى القانون من خلال أجوبتهم. لكن ليهي قال «إنك لن تعرف على الإطلاق ما سوف يفعلونه على المنصة. يجب أن يكون لديك اقتناع».

وقد قال الرجلان إنهما قد تعلما استغلال اجتماعاتهم الخاصة مع المرشحين في مكاتبهم قبل بدء جلسات الاستماع الرسمية. وقال ليهي إنه شعر من خلال محادثته مع دافيد سوتر عندما أوشك القاضي المتقاعد على التصديق، أنه سوف يكون «إنجليزيا جديدا ومستقلا تماما في حكمه. ولذا فقد صوت له» على الرغم من توقع الجمهوريين أن يكون سوتر محافظا تماما. وقد كان ليهي محقا في ذلك.

وقد شجب كلا رجلي الكونغرس الدول المتنامي لجماعات المصالح التي تجتمع عند تصديقات التعيين القضائي. وقد تحدى كلاهما هذه الضغوط، فقد صوت ليهي لروبرتس، وكذلك كان غراهام عندما كان الجمهوري الأوحد الذي دعم سوتومايور في تصويت هذا الأسبوع.

وقال ليهي «لقد أشرت إلى أن روبرتس لم يكن الشخص الذي أوصي به لبيل كلينتون أو باراك أوباما، لكنني لم أرغب في رؤية تعيين رئيس المحكمة العليا للولايات المتحدة يتم وفق توجه الحزب».

وقد أخذ غراهام الموقف نفسه مع تعيين سوتومايور وقال إنه توقع عدم الموافقة على العديد من أحكامه، لكنه أبدا احتراما كبيرا لاختيار أوباما لأن «الانتخابات تحدث فارقا» كما أنها «مؤهلة تماما». وقال إنه يأمل في أن يكون ذلك مثالا للديمقراطيين في المرة القادمة عندما يقوم رئيس جمهوري بتعيين صاحب هذا المنصب. وإذا انتشرت مثل هذه الأمثلة فربما نتجنب الصراعات الأخيرة بشأن التعيين.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»