كليوباترا الجميلة.. تطرق الأبواب

TT

في الأسبوع قبل الماضي ذهبت إلى الإسكندرية لتفقد المناطق الأثرية بها والوقوف على مشروعات التطوير التي نقوم بها في كل مناطقنا الأثرية، وكذلك كنت على موعد مع اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية لكي نقوم بافتتاح بعض من المناطق التي انتهينا من تطويرها. وخلال رحلة السفر والمسافة التي أقطعها بين القاهرة والإسكندرية وتصل إلى الساعتين أعطيت لذهني فرصة للسفر إلى الماضي واسترجاع الذكريات، حيث كانت زيارتي الأولى لمدينة الإسكندرية، عندما ذهبت للانضمام إلى قسم الآثار بجامعة الإسكندرية، وكان عمري في ذلك الوقت لم يتعد السادسة عشرة، وبهرتني مدينة الإسكندر الساحلية الساحرة، ووقعت في غرامها من النظرة الأولى. هناك تعلمت على يد الدكتور فوزي الفخراني ـ أحد أعظم أساتذة الآثار اليونانية الرومانية في ذلك الوقت ـ وفي يوم من أيام الدراسة بادرت أستاذي بسؤال عن مكان قبر «كليوباترا»، والمعروف عن الدكتور فوزي الفخراني خفة الظل والروح المرحة، فوجدته يجيبني قائلا: «ولماذا لا تسألني عن قبر الإسكندر الأكبر؟». وأردف قائلا بالعامية: «انت باين عليك بتحب كليوباترا!»؛ وأجبته بأنني قرأت الكثير من الروايات والأعمال الأدبية عن «كليوباترا» وعصرها وغراميات الملكة مع قادة وأباطرة روما، وأنني صرت أحلم بها وكل ما يتعلق بعصرها، وكان رد أستاذي هو: «اذهب إلى منطقة الشاطبي وانظر إلى مياه البحر.. فبداخلها يوجد قصرها وبجواره قصر مارك أنتوني، واحتمال كبير أن تكون الملكة قد دفنت داخل قصرها..».

تمر السنون، وتشاء الأقدار أن أطلب من صديقي الفنان محمود مبروك أن ينحت تمثالا للملكة «كليوباترا»، وأن يتخيل الدقائق الأخيرة في حياتها بعد أن ماتت منتحرة بلدغة الثعبان الذي هو أصلا مكلف بحمايتها كأحد رموز الملكية منذ زمن الفراعنة. ومنذ أيام قليلة وجدت الفنان محمود مبروك يعطيني صورة بحجم كبير للملكة الساحرة «كليوباترا»، وقد صورها كملكة فاتنة ساحرة الجمال يجعلك تتخيل «قيصر» و«مارك أنتوني» وهما يهيمان بها حبا.

عجبت وأنا أنظر إلى صورة «كليوباترا» وأتذكر ما ادعته أمينة المتحف البريطاني من أن الملكة «كليوباترا» كانت قبيحة الوجه!.. هل يمكن للمرأة التي غزت قلبي أهم قائدين في التاريخ الروماني أن تكون قبيحة الوجه؟! إنني دائما ما ترد إلى ذهني صورة «كليوباترا» وقد أخفت نفسها داخل سجادة حملها حارسها ليلقيها أمام «قيصر» لتسرق قلبه وتغير مجرى السياسة، ليس في مصر فقط بل وفي أركان الإمبراطورية الرومانية كلها.. إنني أبحث عن قبر هذه الملكة، ليس داخل قصرها الموجود أسفل مياه الأزرق المتوسط، وإنما داخل معبد يبعد عن الإسكندرية بحوالي 50 كلم غربا، وأكتب كتابا جديدا عن «كليوباترا الجميلة» التي حكمت العالم من خلال مصر. وقد بدأت الصفحات الأولى للكتاب متخيلا «كليوباترا» ونحن نقترب من حلم اكتشاف قبرها.. وأخيرا تم الاتفاق على أن يطوف معرض لآثار الملكة الجميلة بعنوان «البحث عن كليوباترا» العديد من الولايات والمدن الأميركية والأوروبية. ويضم المعرض آثارا من عصرها، إضافة إلى قطع أثرية اكتشفناها في حفائر تابوزيريس ماجنا، وهو موقع المعبد الذي يبعد حوالي 50 كم إلى الغرب من الإسكندرية. وسوف يجعل هذا المعرض الناس في كل مكان يتصورون «كليوباترا» بنفس الصورة التي يتذكرها الجميع من خلال الفيلم الذي مثلته فاتنة هوليوود إليزابيث تايلور، حين وقع ريتشارد برتون في حبها من النظرة الأولى مثلما فعل «مارك أنتوني» مع «كليوباترا» الحقيقية..

www.drhawass.com