دعما للبنى أحمد حسين

TT

كل الملابسات المحيطة بقضية الصحافية السودانية لبنى أحمد حسين تستحق التوقف والتأمل أولا لخصوصيتها، وثانيا لرمزية ما تواجهه هذه المرأة الشابة وحالها الذي يحاكي حال ملايين النساء في مجتمعاتنا مع فارق الجرأة التي تتميز بها لبنى.

فالضجة المثارة حول قضية هذه الصحافية تساهم في تسليط الاهتمام على ميل مستمر في التعامل مع المرأة على نحو بالغ التخلف والرثاثة.

لبنى أحمد حسين تحاكم بتهمة تعكير صفو النظام العام..

وكيف عكّرت لبنى النظام العام الذي لا تشوبه شائبة في السودان!

بارتدائها بنطالا..

اتهام ركيك ونظم قانونية واجتماعية أكثر ركاكة وبؤسا.. استذكار سريع للأزمات الهائلة التي يعانيها السودانيون وللمآسي الفظيعة التي يتعرض لها ملايين أبنائه نساء ورجالا يجعل من انشغال الجسم القضائي السوداني بملاحقة هذه الصحافية النشطة ملهاة محزنة.

حسنا فعلت لبنى بأن واصلت الظهور بنفس البنطال خلال المحاكمة والتظاهرات التضامنية، فهي تمسكت بمظهر بات من عاديات الحياة اليومية منذ عقود بينما استفاق اليوم من يعتبر هذا الأمر خروجا عن الحشمة..

كان يمكن للبنى أن تتقبل بصمت وبانكسار الأربعين جلدة التي كانت قد أصدرتها المحكمة بحقها على غرار عشر نساء أخريات كُنّ معها في نفس المطعم ونلن نفس التهمة وتلقين بالفعل عشر جلدات لكل منهنّ.

لم نعرف من هنّ هؤلاء النساء اللواتي لا زلن ربما يتحسسن مواضع الألم والذل جراء الجلدات اللواتي تلقينها.

لا شك أن من يسمع هذه الأحكام المتخلفة لا بد وأن يتحسس جسمه ويديه ويتساءل هل إن ما بات من عاديات اللباس بل ولوازمه لا يزال محط نقاش في بعض مجتمعاتنا!!

وفيما تستمر قضية لبنى أمام المحكمة بعد أن تخلت هذه المرأة الجريئة عن الحصانة التي توفرها لها الأمم المتحدة التي تعمل معها إلى جانب عملها الصحافي كي تقف أمام المحكمة وتثبت ظلامتها وجور هذا النوع من الأحكام كشفت تحقيقات أخرى في ظروف وملابسات مختلفة هوية قاتل الصحافية العراقية الراحلة أطوار بهجت التي قُتلت بدم بارد هي وزميلاها قبل ثلاثة أعوام.

لا تستحق أي صحافية أو امرأة أو إنسان أن يلقى المصير المأساوي والفاجع الذي واجهته أطوار بهجت وزميلاها ولا المصير الذي تلاقيه ليس فقط صحافيات من حول العالم بل أي امرأة أو إنسان يُقتل ظلما وبوحشية.

في هذه الزاوية كتبت عن صحافيات وناشطات غالبا ما تَعرّضن للقتل سواء في العراق أو إيران أو روسيا وأماكن عديدة في العالم.

لعلّ في حكاية لبنى أحمد حسين ما يدفع للأمل.

فهي تواجه ظلامتها بابتسامة ونشاط يبعث على الإعجاب. تمكنت لبنى بجهد فردي خالص من جعل محنتها قضية رأي عام. خطوتها الذكية في توزيع دعوات لحضور المحاكمة ونشاطها والدعم الذي تلاقيه داخل السودان قبل خارجه قد يفضي إلى نهاية مشجعة لا تشبه بأي حال مصائر بائسة واجهت صحافيين وصحافيات في بلادنا والعالم.

تحية صادقة إلى لبنى أحمد حسين.

diana@ asharqalawsat.com