الخديعة الكبرى

TT

الصهيونية رد فعل عصابي ومتشنج ضد معاداة السامية واضطهاد اليهود في أوروبا. والأوهام والمغالطات من مميزات العصابيين. وهكذا تحتشد المغالطات والافتراءات في بطون الحركة الصهيونية طوال تاريخها. من هذه المغالطات قول رواد الحركة بأن ما يريدونه هو أن يجعلوا من اليهود شعبا ككل الشعوب في دولة ككل الدول. ولكن هذا ما لم يحققوه، ولا نراهم يسعون إليه مطلقا. يتفق معظم المراقبين على أن إسرائيل أصبحت دولة لها خصوصيتها وشرعها الخاص بها. إنها لا تتصرف ككل الدول بتاتا. إنها تتصرف من منطلق شعب الله المختار الذي أعطاه الله تميزه ورجاحته على كل الشعوب الأخرى. يأتي في مقدمة أكاذيبها تعهدها للرئيس ترومان والأمم المتحدة بأنها ستلتزم بقرار التقسيم وخارطته وشروطه.

رغم كل التجاوزات الصغيرة التي تقع فيها بعض الدول، فإن سائر الأمم التزمت بما قررته الأمم المتحدة. ومن ذلك أنه منذ تأسيس الأمم المتحدة لم تجرؤ دولة على ضم أراضي دولة أخرى، ما عدا... طبعا ما عدا إسرائيل. كل هذه الحروب والمآسي التي شهدناها جرت من أجل منع العراق من ضم الكويت. كان النقب مخصصا للعرب ولكن إسرائيل اجتاحته وضمته إليها وشردت سكانه البدو. ولا أحد يجرؤ على مطالبتها الآن بإعادته لأهله. وعندما حاول الكونت برنادوت إرجاعها إلى قرار التقسيم قتلوه.

إعادة اللاجئين إلى ديارهم قرار آخر من الأمم المتحدة. وأصبح قرارا آخر تجاوزته إسرائيل. وبالطبع القرار 242 قرار آخر ما زالت تتجاهله وتماطل فيه. تمنع اتفاقيات جنيف الدولة الفاتحة من تغيير أي شيء في الأراضي التي تحتلها. ولكن.. انظروا ما آلت إليه الأرض المحتلة في الضفة الغربية وكل هذه المستعمرات التي أقامتها فيها. حتى الرئيس أوباما يعجز عن ثنيها عن ذلك. وكل ذلك، ناهيك عن كل التجاوزات والخروقات المتعلقة بحقوق الإنسان والتي صدقتها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

إسرائيل ليست دولة ككل الدول وشعبها ليس شعبا ككل الشعوب. هذه هي الخديعة الكبرى التي رتبها رواد الحركة الصهيونية. إنها دولة تفعل ما تشاء، كما يعترف المراقبون الدوليون. قوام ذلك شعورها بأنها شعب الله المختار.

تعترف كل السنن الجزائية والأعراف القديمة بمعاقبة الجاني في إطار الثأر والردع، ولكن حسب قاعدة النفس بالنفس وليس النفس بمائة نفس. في عهد بن غوريون كانت إسرائيل ترد على اعتداءات العرب فتقتل عشرة أو عشرين عربيا مقابل كل إسرائيلي. انخفضت الآن قيمة المواطن العربي على ما يظهر في حسابات نتنياهو. قتلوا في غزة نحو 1400 فلسطينيا مقابل إسرائيلي واحد قتلته صواريخ حماس. حتى العهد القديم يقول السن بالسن وليس السن بألف وأربعمائة سن. الأعراف الدولية تأخذ بالرد المتناسب. وهذا افتراء شائع آخر في القول بأن ما فعلوه في غزة جاء ردا على ما فعلته حماس. يا ليته كان كذلك.

www.kishtainiat.blogspot.com