نصر الله وسكين إسرائيل

TT

إسرائيل كالسكين ذي الحدين في أيدي متطرفينا، حيث يذبحوننا، ويصالحوننا، باسمها، وباسمها تقوم الانقلابات، وباسمها تقطع العلاقات، وباسمها يتراشق العرب عند كل قطيعة، فحتى الصومال الدولة المنهارة يقول المتقاتلون فيها إنهم يريدون تحريرها.

وآخر هذه التقليعات، أي التصرف باسم إسرائيل، سلبا وإيجابا، ما جاء على لسان زعيم حزب الله، حسن نصر الله، يوم الجمعة الماضي. فزعيم حزب الله يقول إن تهديدات نتنياهو للحكومة اللبنانية بأنها ستتحمل مسؤولية أي هجوم على إسرائيل في حال مشاركة حزب الله في الحكومة، هدفه الضغط على الحكومة لإعاقة تشكيلها وللضغط على حزب الله حتى لا يشارك فيها.

وبالتالي، وبحسب نصر الله، فإن كلام نتنياهو هو «مؤشر واضح بأن العدو يزعجه أن تكون هناك حكومة وفاق وطني ووحدة وطنية وحكومة مشاركة وطنية». وعليه فإن نصر الله يرى أن «الرد يكون بأن نسارع ونتعاون على تشكيل حكومة المشاركة والوفاق الوطني والائتلاف، لأن هناك حاجة لكي يكون لنا حكومة في لبنان بأسرع وقت ممكن». وبعد كل تلك المقدمات قال نصر الله إن حزب الله سيشارك في هذه الحكومة «نكاية» بنتنياهو.

فنصر الله قاطع، وحاصر، الحكومة السابقة، وطالب بالثلث المعطل فيها باسم إسرائيل، وشكل لنفسه شبكة اتصالات داخل الدولة اللبنانية باسم إسرائيل، وخالف منافسيه اللبنانيين باسم إسرائيل، وحشد يوم الانتخابات التي خسرتها المعارضة أيضا باسم إسرائيل، حيث قيل يومها إن لبنان بلد مقاومة، والحكومة يجب أن تكون حكومة مقاومة كذلك.

وبذريعة إسرائيل أيضا أوفد حسن نصر الله خلاياه النائمة إلى مصر، واليوم يعلن زعيم حزب الله دخول الحكومة اللبنانية، ويطالب بإنجازها بأسرع وقت لتكون حكومة وطنية، بل ويعتبر أن القوى السياسية في لبنان «تنساق خلف الهدف الإسرائيلي»، وهو إعادة التوتر إلى البلد، مضيفا أن «المناخ هادئ والحمد لله». وكل ذلك طبعا باسم إسرائيل.

فهل هناك استخفاف بالعقول أكثر من ذلك؟ فأين واقع لبنان، واحتياجاته، واحتياجات مواطنيه.. أين اقتصاده، وتعليمه، واستقراره، وأين إنسانه قبل كل شيء، ليس اليوم، بل منذ أربع سنوات؟ فعندما تعطل التنمية، والاستقرار، وبناء الإنسان بحجة التصدي لإسرائيل فتلك جريمة لا تقل عن جريمة التعاون مع إسرائيل ضد أمن الوطن، أي وطن عربي كان.

نقول ذلك لأننا نرصد فلول الهابطين من قمة المكابرة في منطقتنا اليوم، وهم كثر، وأكثر ما يضحك تبريراتهم للعودة والتعقل، كما أننا محظوظون بانكشاف كثير من المشاريع الخطرة على دولنا العربية، وكذلك انكشاف زيف الديموقراطية الإيرانية الواهية.

فقط راقبوا ما تقوله حماس عن «جند أنصار الله»، من استعمال السلاح بشكل غير قانوني وغيره، وراقبوا حزب الله وهو يطفئ الأنوار، وراقبوا لغة سورية تجاه أميركا، وراقبوا البعض في الخليج، والقائمة تطول، حتى في أفريقيا.

حينها سنعلم كم من الأرواح قد أزهقت تحت شعارات بالية، وكم من فرص التقدم والارتقاء أضعناها بالمغامرات، والكذب الممجوج، عن الديموقراطية، والجهاد، والمقاومة، والممانعة، وغيرها من قائمة الشعارات الفارغة.

[email protected]