هل هي تضحية؟!

TT

(جيمي فالنتين) ـ وهذا اسمه ـ لص خطير ومحترف السرقة والسطو على الخزائن الحديدية، ولا يضاهيه في قدرته العجيبة تلك أي لص من اللصوص، وقد قبض عليه وأودع السجن وحكم عليه بعدة سنوات، وقد تعلم أثناءها (تصليح الأحذية)، وبما أنه كان شابا جريئا، فقد استطاع بشكل أو بآخر أن يهرب من السجن، فأعلن حاكم البلدة مكافأة مجزية لمن يقبض عليه أو يبلغ عنه، وألصقت صوره في جميع الأمكنة.

واستطاع أن يصل إلى سكن صديق حميم يعرفه ويأتمنه وله أفضال عليه، رحب به الصديق وقدم له فروجا مشويا وزجاجة شراب كاملة وبعض السجائر، ونام عنده في تلك الليلة كأي (سلطان)، وعندما أفاق في الصباح حلق ذقنه الكثيف، وارتدى ملابس لائقة، وأخذ حقيبة يدوية كان قد تركها عنده قبل أن يسجن وفيها (عدة) السرقات، وودعه على أن يتصل به فيما بعد، لأنه سوف يغادر البلدة إلى بلدة أخرى لكي لا يكتشف. وخرج واستطاع في ذلك اليوم أن يتسلل إلى أحد البنوك ويفتح الخزنة ويستولي على ما فيها من آلاف الدولارات، دون أن يكتشفه أحد. ثم ذهب إلى المحطة واستقل أحد القطارات، وبالصدفة كانت تركب معه في نفس العربة فتاة فائقة الجمال ومعها أخوها الصغير، فاستغل (جيمي) الفرصة عندما كانت الفتاة لاهية فسأل أخاها سؤالا (ملغوما) وهو يشير إلى أخته: أليست تلك الفتاة هي الآنسة (بولي سمبسون) التي تعمل سكرتيرة؟!

فرد عليه أخوها الطفل قائلا بكل براءة: لا إنها (أنابل آدامز) ووالدها يملك المصرف بالبلدة التي نسكن فيها وذاهبان إليها.

عندها قرر (جيمي) أن ينزل في تلك البلدة، وقبل أن يصل القطار تبادل مع (أنابل) النظرات والابتسامات وبعض الكلمات، وتأكد من ناحيته أن (السنارة قد غمزت)، وقبل أن ينزل سألها أن تدله على أوتيل تنصحه بسكناه، فذكرت له، وعرف منها عنوانها واسم مصرف والدها. وقد فعل ذلك كله لأنه خطط لسرقة ذلك المصرف، وذهب إلى الأوتيل وسكن باسم مستعار هو: (سدني بورتر)، وللتمويه فتح بالنقود التي معه محلا لتصليح الأحذية وهي المهنة التي يجيدها بعد أن تعلمها في السجن، وفي هذه الأثناء كان يلتقي بالفتاة فأحبها حبا جما، وبادلته هي المحبة بجنون، فخطبها ورفض والدها ذلك بسبب مهنته، غير أنه رضخ أخيرا تحت إصرار ابنته وأعلنت الخطبة، بعدها قرر (جيمي) أن يتوب ويترك السرقة نهائيا، وكتب لأحد أصدقائه اللصوص أن يأتي إليه ليسلمه حقيبة (العدة) هدية منه.

وقبل الزواج بيوم واحد ذهبوا جميعا إلى المصرف ليريهم الوالد الغرفة الحديدية المحصنة التي ركبها حديثا، وبينما كانوا يتفرجون عليها بإعجاب وإذا بطفلتهم تدخل بالغرفة وأخيها الصغير يغلق عليها الباب ويدير الأكرة المرقمة مثلما يفعل جده، وقد فعل ذلك وهو يضحك معتقدا أنه يمزح، فصاح المصرفي العجوز: إن الباب لا يمكن أن يفتح فالساعة لم تشتغل والأرقام لم ترتب بعد، والطفلة لا شك أنها سوف تموت خلال نصف ساعة إذا لم نخرجها، فاتصلوا بالبوليس، وعندما حضروا لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا، إلا إذا فجروا الغرفة ومعنى ذلك أن المصرف سوف ينهار والطفلة سوف تموت.

عندها انطلق (جيمي) سريعا للفندق وأحضر شنطته التي تحوي المثاقب والمخارم والمناقير والملاقط والمخارز، ويخرجها منها أمام ذهول الجميع، وبدأ يعمل بكل (حرفنة) وما هي إلا دقائق وإذا به يفتح الباب السميك وتخرج الطفلة سليمة. ومن شدة فرحة (أنابل) تعلقت برقبته وهي تبكي قائلة: شكرا، شكرا (يا سدني)، غير أن ضابط البوليس الذكي أزاحها عنه قائلا: إنه ليس (سدني)، تعال معي (يا جيمي فالنتين)، ووضع (الكلبشات) في يده للذهاب به إلى السجن.