أفول صوت السعادة

TT

انضمت مجلة «ريدرز دايجست» إلى الصحف المهددة بالإغلاق بعدما زادت ديونها على المليار دولار. وقد ظهرت بالعربية مرتين؛ الأولى عن «دار أخبار اليوم» في الأربعينات، والثانية عن «دار النهار» في السبعينات، باسم «المختار». أما في أميركا فقد تأسست العام 1922.

كانت صحيفة «المختار» جديدة يومها، شكلا وموضوعا. فمن حيث الحجم، كانت أشبه بكتاب جيب، أما من حيث المحتوى فاعتمدت نقل المادة المنشورة في الصحف والمجلات الأخرى، بعد اختصارها وإعادة صياغتها، وسبكها كلها في أسلوب واحد. وركزت المجلة على نشر روح التفاؤل والنجاح والمثابرة وقهر الصعاب الجسدية والمعنوية. وكانت تدفع ثمن النكات والخواطر المبهجة التي ترسل إليها. وفي بادئ الأمر ساهمت الحكومة الأميركية في إنشائها، لأن الهدف منها كان إعطاء صورة جميلة عن الحياة العائلية في أميركا، سواء للأميركيين أنفسهم، أو للأجانب الذين وجهت إليهم بطبعات ولغات مختلفة. حتى بريطانيا وأوستراليا وكندا كانت لها طبعاتها الخاصة برغم أن اللغة واحدة.

في السبعينات أدخلت المجلة تعديلا على صيغتها الأولى وأخذت تنشر المادة الخاصة بها إلى جانب المختارات. ومن أشهر ما قدمته بداية الحملة على التدخين وعلاقته بالأمراض القاتلة، وكشف الفظائع المرعبة التي ارتكبها الخمير الحمر في كمبوديا.

حاولت «الهلال» أن تكون «المختار» العربي من حيث الشكل، مع أن جورجي زيدان أسسها قبل «الريدرز دايجست» بكثير. واعتمد الزميل مازن البندك الصيغة نفسها في «الجيل». وما زالتا تصدران بانتظام. لكن لا أدري ما إذا كانت حقبة المجلات السعيدة أو المبهجة أو المريحة، قد ولت. إن التلفزيون يفرض علينا اليوم نشرات إخبارية مليئة بالعنف والسوء وبرامج قائمة على أنواع التكسير والتحطيم وآخر ما اخترع من رشاشات. وقد حل محل عنف «الكاوبوي» ومسدساته وبندقياته، عنف تكنولوجي ومسدسات بالليزر وطائرات هليكوبتر وكاراتيه وأحزمة سوداء وحمراء وملونة.

في الماضي أرسلت الينا الثقافة الأميركية «ريدرز دايجست» وحكايات البيوت السعيدة والعائلات الناجحة وقصص «الحلم الأميركي»، ثم استبدلت بذلك برامج القسوة والفظاظة والاباحات والسخرية من القيم الأخلاقية ومعاني الحياة.