تيد كينيدي

TT

ديفيد بروكس: بعد أن تقدمتُ في العمر، أصبحت أقل اهتماما بكاريزمية الأشخاص. إنه لشيء ممتع أن يقوم المرء بتغطية سياسي له كاريزمية، ولكن العمل الحكومي شيء ممل ويجب أن يكون مملا داخل مجتمع ضخم.

ينتمي تيد كينيدي إلى العائلة ذات الكاريزمية الأكبر في تاريخ السياسية الأميركية، ولكنه حقق نجاحا عن طريق الدفع بنفسه إلى نوع من الملل، فبعد فترة الشباب التي قضاها في برنس هال، أصبح مشرّعا محترفا.

أسأل دوما أعضاء مجلس الشيوخ عن أكثر الأشخاص الذين حازوا إعجابهم من بين زملائهم، وأحصل على الكثير من الإجابات (ويظهر اسم ديك لوغر كثيرا). وبعد ذلك أسألهم عن الأفضل في مهنة التشريع، فتكون الإجابة هي كينيدي، بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه من أوجّه إليهم الأسئلة.

وخلال المقابلات القليلة التي أجريتها معه، تعرفت على هذا: يمكن أن أسأله عن بعض الأفكار السياسية الكبيرة. وستكون إجاباته جيدة، ولكنها غير مثيرة. وبعد ذلك يمكن أن أسأله عن إحدى تفاصيل تشريع يعود لأعوام، فتفاجئ بأنه يمكن أن يتحدث بدراية تامة عن الجزء رقم (س) من الفقرة السادسة في البند الثالث عشر.

وكان كينيدي الأفضل في إجراء المفاوضات، ولديه قدرة كبيرة على الوصول إلى حلول وسط ويجمع بين جميع التفاصيل ويستوعب العوامل المتعددة ذات الصلة بالموضوعات، ولديه القدرة على تمهيد الطريق أمام التشريع الذي يريد. هذا ليس شعرا بل هو نثر، إنه رصيد بشري يفتقده الكونغرس في الوقت الحالي، فقليل هم من يعرفون طريقة صياغة التشريعات المعقدة.

وكان كينيدي يستعمل أفضل فريق عمل، ومن بينهم أشخاص أذكى منه، وكان يعرف متى يعمل مع مناوئين سياسيين، وكوّن صداقات تجاوزت دنيا السياسة. أتذكر يوما كنت فيه مع جون ماكين يوم الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشير، ورن الهاتف حينها، وكان هذا هو كينيدي يتمنى له حظا سعيدا.

لم تكن هذه كاملوت، ولا الشيء الذي يأسرك في غلاف فانيتي فير. كان عملا عاديا في معظم الوقت، كانت هذه مجرد تغطية لشبكة «سي سبان». ولكن كان من المؤثر جدا أن ترى شخصا مثله يعمل بجد من أجل فهم طبيعة العمل اليومي للحكومة. لقد كانت قصته قصة شاب من دون خبرة وجد طريقا مهما لتقديم خدمة عامة.

غيل كولينز: من الأشياء المحببة للنفس الصلة بقصة كينيدي أنه كان هناك شخص يرى الجميع أن له مصيرا واحدا محددا، ولكنه فشل في ذلك فشلا واضحا، ثم رتب أموره من جديد، وعثر على هدف له، وأصبح الأفضل في هذا المجال.

لقد كان كينيدي من أسوأ المرشحين لمنصب الرئيس، ولا يمكن أن تلوم الناس لأنهم شعروا بالاستياء من شخص يفترض أن له الحق في إدارة البلاد بفضل اسمه وحسب. وبعد أن خسر السباق، دخل إلى ساحة لم يكن فيها صاحب الدور الأكثر إثارة للإعجاب. ولكن، شيئا فشيئا عثر على المكان المناسب له وتمرس في دور استثمر من خلاله جميع مواهبه بكفاءة عالية. وفي نهاية فترة منتصف العمر، كانت له حياة مهنية رائعة، وأصبح بعدها الشخص الذي قدم أفضل الخدمات للبلاد من بين عائلة كينيدي.

أتمنى أن يصبح نموذجا يحتذي به الذين يريدون في تجديد نهجهم في الحياة، ومن لم يحققوا مراكز متقدمة، في المستقبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»