هل من مخرج لأزمة إيران؟

TT

يبدو أن طهران قد قررت السير في ملفها النووي، والتصعيد مع الغرب، وفق عبارة وينستون تشرشل الشهيرة «إذا وجدت أنك تمر في الجحيم.. فواصل»، والدليل على ذلك إطلاق إيران لصواريخ جديدة قبل أمس يصل مداها إلى إسرائيل.

وهذا يعني أن الأمور إلى تصعيد، ولذا فيجب أن تكون قراءتنا لقادم الأيام أكثر شمولية، بحيث لا نغفل عاملا مهما في هذه الأزمة وهو إسرائيل، فجل التحليلات التي نطالعها تركز على الموقف الدولي من إيران، والخيارات المتاحة للغرب، وتتناسى العامل الإسرائيلي، وهو الأهم.

إسرائيل تعتبر التقدم الإيراني بالملف النووي، أو التسوية الغربية غير الحاسمة مع طهران، تهديدا لأمنها، فإسرائيل تأخذ كل تصريح إيراني على محمل الجد، وتحديدا كل ما يصدر عن أحمدي نجاد، على عكس بعض الغرب، أو حتى البعض في منطقتنا. ولذا فقد تحركت إسرائيل سريعا بعد الكشف عن المنشأة النووية الإيرانية الجديدة في قم، وطالب نتنياهو الأميركيين والغرب بالتحرك الآن ضد إيران.

وفي المقابل للتشدد الإسرائيلي، هناك الموقف الإيراني المتشدد أيضا، والذي عبر عنه بوضوح المرشد الإيراني في خطبة صلاة الجمعة أواخر رمضان، والتي مرت مرور الكرام على كثير من المتابعين، حيث أطلق خامنئي موقفا متشددا، ومهما، حين قال «ينبغي أن نبقي على الحزم للدفاع عن حقوقنا في المجال النووي. والتخلي عن الحقوق، سواء في المجال النووي أو غيره، يعني انهيار النظام». مضيفا «سنسلك طريق الانهيار إذا أظهرنا ضعفنا أمام المستكبرين وتراجعنا بدلا من مقاومتهم..».

أهمية هذا الحديث أن المرشد يربط الملف النووي بسلامة وبقاء النظام الحاكم بطهران، حيث باتت مشروعية النظام الإيراني هي النجاح بالملف النووي وليس بناء الدولة، وخدمة المواطن، وقد يرى البعض أن هذا تشدد إيراني من أجل الحصول على فرص أكبر في مفاوضات طهران مع الغرب، وقد يكون ذلك صحيحا، لكن، وكما أسلفنا، فإن تلك ليست الطريقة التي تفكر بها إسرائيل، وهذا ما يزيد من خطورة الوضع.

الأمر الآخر، والذي لابد من التفكير فيه مليا هو عن ماذا سيتنازل الطرفان، الإيراني أو الغربي؟ وما هي نقاط التلاقي بينهما؟ فإذا أرادت إيران التنازل فعن ماذا ستتنازل، طالما أن المرشد الإيراني يربط الملف النووي بسلامة النظام. وبالنسبة للغرب فإن تنازلهم يعني التسليم بإيران نووية، أو إعطاء طهران دورا في المنطقة، على حساب دولنا وأنظمتنا، وهذا أمر مرفوض عربيا، بل أنه قد يحرك الطموح النووي لدى دول المنطقة، وهذا ما تخشاه إسرائيل أيضا، ففي حال تم القبول بإيران نووية فإن ذلك يعني أن حلبة التسلح النووي في منطقتنا قد فتحت، ومن شأن ذلك أن يجعل المنطقة كلها على كف عفريت، حيث يهدد أمنها واقتصادها، واستقرارها، بل ويهدد الاقتصاد والأمن العالمي، ويجعل المنطقة مفتوحة على صراعات مدمرة، لا يمكن مقارنتها حتى بالنكبات التي مرت علينا.

[email protected]