كان اسمها قلم أو عجب أو فجر

TT

أكثر ما لفتني في كتاب «المرأة في الأندلس»، وهو أطروحة للدكتوراه وضعتها الباحثة المغربية سناء الشعيري، هو أسماء النساء وما فيها من صياغة وتغزل. فقد سميت إحدى جواري عبد الرحمن الثاني «قلم»، وسميت جارية الأمير عبد الله وجدة عبد الرحمن الثالث «ذر»، ولقبت جارية عبد الله بن بلقين، آخر ملوك إمارة زيري في غرناطة، «لذة».

وتداخلت الزيجات كثيراً في الأندلس. وغالباً ما تزوجت الجارية من السيد. ومن أشهرهن صبيحة التي تزوجها الخليفة الحكم الثاني وأنجبت له خليفته هشام. وكانت زوجة المنصور بالله تعرف بالزلفاء. وقيل إنها لعبت أدواراً في الفتنة التي أدت إلى حرب أهلية في قرطبة. وقد لعبت الأمهات في الأندلس بصورة عامة أدواراً أساسية في شؤون الحكم والتوريث كما يروي الأمير عبد الله بن بلقين في كتاب «التبيان». ويفسر المؤرخون ولع النساء بالسياسة وانغماسهن فيها أن مرده الخوف على فقدان الامتيازات. ومن ألطف الأسماء التي حملتها الجواري «عجب»، جارية الحَكَم الأول، و«طروب» جارية الحكم الثاني، و«فجر» جارية عبد الرحمن الثاني، ومتعة (أيضاً) و«الشفاء» (أيضاً) و«مرجان» (عبد الرحمن الثالث) و«مشتاق» (أيضاً) و«شعاع» أمة القاسم بنت الأصبغ، و«الرميكية».

وكانت الجواري في الأندلس يشاركن على نطاق واسع في المناظرات الأدبية. وقد تحدرن من أصول مختلفة. وفي مدينة الزهراء وحدها كانت حوالي ستة آلاف جارية. والجواري نوعان؛ الخادمات، والنوع الثاني الذي ينصرف إلى تنسيم السهرات والغناء والرقص. ومنهن من ارتفعت به المراتب على نحو أسطوري كمثل اعتماد الرميكية زوجة المعتمد بن عباد أمير اشبيلية. فقد انتقلت من ضفة النهر، حيث كانت تغسل ثياب سيدها المعروف باسم الحجاج الرميكي إلى القصر الذي تبنت فيه اسم السيدة الكبرى.

وكان قسم كبير من الجواري على قسم كبير من الشغف الأدبي ومعرفة الشعر. وكن يغنين ويعزفن العود ويمتعن المجالس. وتخبرنا التراجم أن أكثرهن كن من الروميات والصقالبة. وتشرح المؤلفة الشعيري أن الصقالبة هم الأرقاء من الأوروبيين الذين ينتمون إلى جنسيات أوروبية مختلفة، وأما ما أذكره ـ ربما مخطئاً ـ أن العرب أطلقت الاسم على البلغار، أو فريق منهم على الأقل.