أوباما.. بح!

TT

هل انتهت ظاهرة باراك أوباما سياسيا! سؤال يطرح وبقوة في أوساط مراكز صناعة القرار السياسي في الجامعات والإعلام وأروقة دعم القرار والأبحاث. أوباما الذي جاء إلى سدة الحكم في البيت الأبيض بعد انتصار جماهيري صريح وارتياح ودعم عالمي غير مسبوق، وهو الذي وصل لهذه المكانة بعد أسوأ إدارة وأسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بلا جدال، وهو الذي خلف حربين هائلتين بلا توجه ولا هدف واضح، وأسوأ تركة اقتصادية ونقمة عالمية على السياسة الخارجية لبلاده وانشقاق سياسي بين أطياف البلاد. تحمس العالم لفكر أوباما وتوجهه (وهو حتما أهم وأفضل من بوش، وأسلوبه لا شك أكثر آدمية وعقلانية وحكمة)، واستبشر المسلمون والعرب بخطابه التاريخي الذي ألقاه في القاهرة، وإصراره على فكرة الدولة بفلسطين كحل لمشكلة الحرب مع إسرائيل. ولكن باراك أوباما غرق في دوامة أزمة النظام الصحي الجديد الذي يحاول الترويج له بشتى الطرق وللآن لم ينل الموافقة الدستورية، وذلك بالرغم من وجود أكثرية للحزب الديمقراطي بالكونغرس، ولكن الحرب الممارسة ضد أوباما من قبل الحزب الجمهوري أرعبت الناخب الأمريكي وجعلته مترددا في دعم برنامج الرئيس الذي كان من ضمن أهدافه خلال المعركة الانتخابية.

أما عن السلام الشرق أوسطي فهو في حالة غيبوبة وسط عناد وتعنت الطرف الإسرائيلي المتطرف والرافض تماما لإيقاف التوسع الاستيطاني السرطاني وفكرة الاعتراف بحق الدولة الفلسطينية، كل ذلك التمادي يتواصل دون أي تدخل أمريكي لإحداث تغيير في الموقف وردع الإسرائيليين عن موقفهم. الوضع في العراق وأفغانستان يزداد سوءا والمشاكل تأخذ أبعادا خطيرة ومقلقة لن يحلها زيادة عدد جنود من جهة أو انسحاب من جهة أخرى. هناك مشاكل جادة تتعلق بالوضع السياسي والأمني والاقتصادي تؤدي إلى اختراق الجماعات المتطرفة على الساحة وإثارة القلاقل كما يحدث الآن. أوباما للآن لم «ينجز» أي هدف من أهدافه، وهناك قلق واضح عند مؤيديه بأن أوباما يبدو أن قدرته خطابية بحته دون قدرة على ترجمة الأهداف البراقة التي أعلنها في خطبه اللافتة إلى سياسات وتشريعات ناجحة. من النقاط التي يأخذها الناس بقوة على باراك أوباما أنه حمل نفسه مجموعة هائلة من الملفات المستحيلة، وكلها ملفات معقدة تستدعي الكثير من العمل والتركيز والمتابعة، وبالتالي لن يتمكن من إنجاز كل النجاحات في كل الملفات في وقت واحد وهذا الذي أدى إلى أن لا شيء تحقق لأن التركيز مشتت على كل الملفات الصعبة في وقت واحد. عالميا بات ينظر لباراك أوباما على أنه رجل لطيف يمكن دعوته لفنجان قهوة والاستمتاع بأحاديث جميلة معه وبلطف شخصيته وليس أكثر؛ فهو بحسب الكثيرين يفتقد الحسم والقوة والدهاء المطلوبين لإنجاز السياسات الكبرى. سنه أولى اقتربت على تمامها في ولاية أوباما دون أي شيء يذكر له أو يحسب له سوى مجموعة من الخطابات والكلمات المدوية. لا يزال هناك وقت كاف لأوباما لإنجاز «شيء ما» ولكنه مطالب وبسرعة بانتصارات صغيرة وسريعة تعيد الأمل والجدارة لإدارة جاءت بجبال من الأمل وحسن الظن وكم هو مؤلم رؤية خيبة الناس فيها لليوم.

[email protected]