الصحافة العربية في عيون «صحافيون بلا حدود»

TT

في مواجهة التقارير التي تصدرها منظمة «صحافيون بلا حدود» حول تقييم مستوى حرية الصحافة، يتكرر الرفض العربي للمؤشر، على اعتبار أنه يضع الكثير من الدول العربية في مراتب متأخرة من التصنيف، وبالتالي يشعر البعض أن المؤشر لا يتسم بالموضوعية، ولا يراعي التطورات الإعلامية التي تحدث في تلك الدول في مجالات الحرية والشفافية، وهناك من يرى أن تقارير المنظمة لا تراعي اختلاف الثقافات، وتكرس لهيمنة الثقافة الغربية كثقافة أحادية يراد لها أن تسود العالم، ورغم تكرار الرفض على مدى سنوات، ظل مؤشر منظمة «صحافيون بلا حدود» يحتفظ بقاعه موقعا لجل الدول العربية.

والمتابع لأوضاع الصحافة في بعض الدول العربية، والخليجية بصورة خاصة يدرك على وجه اليقين أن سقف الحرية ارتفع عما كان عليه قبل سنوات، وأن ثمة فضاء بلغته صحافة هذه الدول لم تكن لتبلغه من قبل، وبالتالي فإن للذين يعترضون على المؤشر شيئا من الحقيقة، حينما لا يضع المؤشر في اعتباراته مجموعة المتغيرات التي تحققت على أرض الواقع.

لكن ما لفت نظري حقا أنه رغم حصول الكويت على المرتبة (60) في المؤشر، وهي المرتبة التي تضعها في مقدمة الدول العربية وفق معايير «صحافيون بلا حدود» نجد رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية، أحمد الجار الله، لا يرى في هذه الحرية ما يراه الكثيرون، فهو يعتبرها جالبة للكثير من الإشكالات التي تمس أمن الكويت الوطني، وهذا الرأي من داخل بيت الصحافة ـ مهما يكن ـ يعكس جوانب من مساحة الاختلاف حول مفهوم الحرية المراد استهدافها وتحقيقها في المجال الصحافي.

وهكذا نجد أن مؤشر «صحافيون بلا حدود» لم يرض أحدا من العرب، فلا الذين احتلوا سقف المؤشر على المستوى العربي راضون، ولا الذين احتلوا قاعه على اقتناع بأحكامه ومعاييره، ويبدو أن هذه الحرية الصحافية التي يتقاذفها العالم ككرة، ويرتدي شعارها الجميع كرمز، ويتجادل الكل حولها كقضية، سيظل حالها كحال ليلى:

«وكل يدعي وصلا بليلى

وليلى لا تقر لهم بذاكا».

وبعيدا عن مؤشر منظمة «صحافيون بلا حدود» وتقاريرها يمكن القول: إن الوصول إلى حرية الصحافة في العالم العربي على النحو المراد، ليس قفزة في الهواء، ولا حلم يقظة يرسم في الخيال، فالوصول إلى هذه الحرية ينبغي أن يكون مسبوقا بخطوات كثيرة ترافق الكائن الإنساني منذ طفولته في البيت والمدرسة والمجتمع، فحرية الصحافة أولا وأخيرا هي حرية الإنسان.

[email protected]